اذا قرر الرئيس الامريكي باراك اوباما مهاجمة سوريا، فهو بذلك يكون لاول مرة يحارب ويقف الى جانب تنظيم "القاعدة." ويا لهذا التحالف! ان الرجال الذين قتلوا العشرات بل الالوف من الابرياء في 9 ايلول 2001، يقاتلون اليوم جنباً الى جنب مع ضحاياهم.
هذا مع العلم، ان هذا التحالف لن يهلل له لا البيت الابيض او البنتاغون او حتى "القاعدة"، على الرغم من ان الفريقين يحاولان تدمير بشار الاسد، الى جانب جبهة "النصرة"، احدى تفرعات تنظيم "القاعدة".وربما، يتوجب على الامريكيين طلب معلومات استخباراتية من "القاعدة"، التي تعلم وتعرف المنطقة جيداً، كما يمكن لـ"القاعدة" ان تقدم عددا من الاهداف التي يمكن ضربها في سوريا.هناك الكثير من السخرية في هذا الموضوع والتحالف. ففي الوقت الذي يقوم به الامريكيون بقتل كل عناصر "القاعدة" في اليمن وباكستان، بمساعدة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، فانهم سيقدمون لهؤلاء العناصر المساعدة المادية والعسكرية في سوريا. مع الاشارة الى ان الولايات المتحدة لن تضرب اي هدف يضر بـ"القاعدة" او "جبهة النصرة" في سوريا.يذكر ان التحالف اليوم بين كاميرون واوباما يشبه الى حد كبير التحالف السابق بين رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير والرئيس الاميركي السابق جورج بوش، لاسيما لناحية الضمانات والتأكيدات بعيدا عن وجود ادلة، كما حصل في حرب العراق.فقد دخلت بريطانيا الحرب في العراق استنادا الى مجموعة من الاكاذيب والتلفيقات واليوم تخوضها من خلال "اليوتيوب"، مع العلم ان هذا لا يعني ان الصور لمآسي الضحايا والقتلى في سوريا غير صحيحة.لكن اي دليل يؤكد العكس سيتم طمسه، فعلى سبيل المثال، احد لم يذكر ان 3 من عناصر "حزب الله" الذي يقاتل الى جانب النظام السوري سقطوا قتلى جراء الغاز، فاذا كان النظام السوري هو المسؤول حقيقةً عن الضربة الكيميائية، فهل سيتم ضرب حليفه حزب الله ايضا؟ولمن لا يتذكر آخر ضربة امريكية للجيش السوري، فقد حصل ذلك في لبنان في 4 كانون الاول 1983، عندما قرر الجيش الامريكي ضرب القوات السورية في البقاع.وقد ادى قصف صاروخ سوري من نوع ستريلا، روسي الصنع، لطائرة امريكية من نوع "a-6"، الى تحطمها وهبوطها في البقاع ومقتل كابتن الطائرة الذي يدعى مارك لانغ واعتقال مساعده روبرت غودمان وسجنه في دمشق.كما تمكنت النيران السورية من النيل من طائرة امريكية من نوع "a-7" لكن قائدها تمكن من الهروب والهبوط في البحر المتوسط.لقد قيل لنا ان الضربة على سوريا ستكون لساعات ولن تطول، لكن هذا ما يرغب اوباما ان يعتقده لكن يجب عدم نسيان حزب الله او ايران.أود الاعتقاد انه في حال قرر اوباما المضي قدما بضرب سوريا، فانه سيمضي حياته هارباً.
مقالات للكاتب روبرت فيسك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق