أكد الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل أن هناك بداية لمراجعة فكرية عند بعض قيادات الإخوان، وأنهم يحاولون عبور مرحلة الصدمة، لكن لابد أن نأخذ في اعتبارنا أن المرحلة اللاحقة للإفاقة من الصدمة، أن يبدأوا في رصد خسائرهم وتحديد مواقفهم، وهي عملية لم تبدأ بعد وأنهم يحتاجون إلى وقت لكي يشفوا من أثر الصدمة . وقال: لا أعرف كيف بإمكان المجتمع أن يتيح لهم هذه الفرصة، وأعتقد أن أي حوار مع الإخوان في اللحظة الراهنة يعتبر خطأ ولا فائدة منه، لكن مسيرة المجتمع لابد أن تمضي على الأقل في الأمد القصير من دون اعتبارات إلا سلامة الوطن التي أعتقد أنها معرضة لخطر كبير، ولم يعد في وسع أحد أن ينتظر حتى يتحقق الوفاق مع الإخوان، ورغم أنهم بدأوا في الإفاقة من الصدمة لكنهم لا يفكرون في المستقبل، لأنهم ما زال لديهم آثار صدمة، وبالتالي فإن رؤيتهم للمستقبل غير محددة .
الخليج الإماراتية
أوضح هيكل في حواره مع قناة “السي بي سي” أن لقاءه مع الدكتور محمد علي بشر والدكتور عمرو دراج القياديين بجماعة الإخوان يوم الثلاثاء الماضي، كان محاولة منهما لتوضيح موقفهما لما جرى في بيتي بـ”برقاش” ولم يكن بغرض التفاوض والوساطة السياسية، “وأنني استمعت إليهما لأني رجل متابع للشأن الجاري ومن بعيد، لكنني فوجئت بالضجة التي قامت على طريقة رواية شكسبير “ضجة كبيرة على شيء لم يكن” .
وأشار إلى أنه استمع إليهما وعندما تم ذكر كلمة “انقلاب” قال لهما لا أريد أن أسمع هذه الكلمة، لأني لا أريد أن نتحدث عن أمور تجلب الاختلاف ولأني أعتقد أن ما جرى في مصر أكبر كثيراً جداً، وأعقد من أن يكون انقلاباً وأن الحديث عن الشرعية يختلف عن وضع اليد وأن بداية الأزمة أنكم رفضتم مطلباً شعبياً واضحاً هو الاستفتاء على الانتخابات الرئاسية المبكرة .
وأكد هيكل: رغم أنني استمعت إلى وجهة نظرهما، لكني أيضاً أكدت أن ثمة حقائق واقعة نشأت من أن هناك جمهوراً واسعاً جداً خرج يطالب بالانتخابات الرئاسية وهناك من رفض، وأنا أفهم أن أحداً يصل إلى السلطة بعد يأس طويل وفي ظرف لم يكن يتخيله وهو في كل الأحوال ليس من صنعه، لأن 25 يناير أكبر بكثير من هذا، وقلت أن البلد في أحوال مثل هذه الأوضاع قد لا تحتمل الحديث عن وضع يد واستيلاء وهذا ليس ممكناً، لأنه أشبه بالغزو .
وأضاف: أوضحت لهما أن الشرعية تختلف عن وضع اليد فهو على الأرض أمر سهل، لكن على بلد بشعبه وثقافته وتاريخه وحضارته أمر لا يمكن أن يحدث وأن الدلائل أثبتت أنهم لا يعرفون شيئاً عن إدارة الأوطان، وهم يتصورون أن الأمر أشبه بشهوة تملك أحدهم لشيء ناله في ظرف معين يحتفظ به ولا يريد التخلص منه .
وأشار هيكل إلى أنه طالبهم بالبحث عن حل لأزمتهم مع الوضع في الاعتبار أن هناك إرادة شعبية ورفضاً قاطعاً لعمليات العنف والإرهاب، وأن القوات المسلحة قضية محورية في هذا الوقت، لأنها الحائط الأخير الذي تستند إليه مصر في أمنها الخارجي والداخلي وأن الحرص على الجيش لابد أن يكون أمام كل طرف .
وقال: شعرت بعد لقائي بهما أنهما قد عبرا تقريباً فترة الصدمة وأنني أمام طرف يبحث عن مكان له في مستقبل وأنهما أصبحا مسلمين أن العودة لما سبق 30 يونيو غير ممكنة وأن ثمة حقائق فرضها خروج الناس وليس شيئاً آخر وأن قرار خريطة الطريق وضع أملته إرادة الجماهير التي خرجت بالملايين ولم يضعه شخص الفريق السيسي .
وعما إذا كانوا يبحثون من خلال لقائه عن ثغرة حوار مع المجتمع أو القيادة قال هيكل: لست الطريق إلى القيادة، لكن المجتمع قد أكون طرفاً فيه، وأنا أعتقد أنهم خرجوا من الصدمة لكن هناك ما بعد الصدمة الزلزال وتوابع الزلزال، وأعتقد أن فترة ارتجاج الزلزال ذهبت وأنهم الآن في وضع ما بعد الزلزال وواضح أن الضربة التي وجهت لهم كانت شديدة عليهم، وأنه مازال الخلط الرئيس الموجود عندهم هو الخلط بين حركة الإخوان المسلمين وبين فكرة الإسلام .
وحول تطورات الوضع في سوريا والمبادرة الروسية وهل هي مقصودة لتعطيل الضربة العسكرية قال هيكل: في إطار الوضع الراهن في سوريا نحن نختار بين وضع كارثي وآخر مأساوي، فالنظام السوري لا يمكن الدفاع عنه والمعارضة أيضاً لا يمكن الدفاع عنها، وكلاهما يلعب بأقدار سوريا وأنا أعتقد أن هذا البلد ضحية وأن مستقبله ومستقبل الأمة كلها خلفه في خطر، دعينا نبدأ بموضوع الأسلحة الكيماوية وأن نتذكر باستمرار أنه في الخمسينيات والستينيات عندما بدأ السباق النووي وبدأت محاولات وضع حد للانتشار النووي ومن بدأ في الإنتاج اكتفى بما عنده ومن كان يحاول ووجد صعوبة وجد أن إنتاج الغازات السامة والبيولوجية سلاح الفقراء للردع في مقابل السلاح النووي .
القذافي كان يملك هذا السلاح وسوريا والمشكلة أن تقرير الأمم المتحدة الأخير أكد أن سوريا لديها أسلحة كيماوية وبيولوجية، لكن التقرير لم يقل من استعملها؟ الوضع في سوريا “حرب” يعتقد النظام السوري أنها مشكلة أمن ويعتقد الطرف الآخر أنها حل عسكري، ولأنه لا يقدر على ذلك فهو يستعين بمن يقدر .
سوريا اليوم بها 60-70 ألف مقاتل من 48 جنسية وبدأت أمور تجد في دمشق وفي درعا، والنظام لم يحسن التعامل معها وكان هناك كثر من الوسطاء طلبوا من بشار أن يحسن التصرف لكنه وقتها قال المقولة الشهيرة على طريقة مصر ليست تونس وسوريا ليست مصر ولا تونس، لا أحد يريد أن يعرف أننا أمام موجة عاتية من التغيير، فالحالة الثورية دعت كل الأطراف إلى الخطأ في الحسابات لكن النظام السوري كان عليه أن يقوم بأشياء لو كان يريد البقاء ولأن الشعب السوري فور انتشار موجات الربيع العربي قال ليس هذا ما أريده، ولكن لا أريد أيضاً النظام، أريد التغيير وفي ذات الوقت يقال للرئيس السوري اذهب إلى درعا وعالج الأمور فيرفض التعاطي مع مجريات الأمور ووسط هذا الزخم كان هذا التحرك موضوعاً ضمن إطار دولي له خططه، فنحن أمام وضع لا يستطيع أحد الدفاع عنه ولا الوقوف ضده، هناك معارضة لا بأس بها في الداخل، لكن صوتها مخنوق ممكن يعتمد عليها لكن الشعب السوري نفسه واضح أنه رغم ما رأيناه على مدار العامين ونصف العام في سوريا من تدفق للسلاح مازال هناك دولة وشعب يدافع عن هذه الدولة بشكل أو بآخر .
لكن من ورط النظام السوري في هذه الأسلحة؟
يقول هيكل: إن النظام السوري يرى أن الأزمة أمنية وهناك معارضة ترى أن الحل هو التدخل العسكري الذي لم تستطع أن تملك آلياته، رغم تدفق الأسلحة غير المسبوق من تركيا ودول عربية كثيرة، فمشكلة حدود سوريا أنها مفتوحة ويصعب أن تكون مغلقة، فما يطلق عليه المعارضة أو المقاومة يستعين بالخارج وغير قادر على الانتصار ولديه إصرار على أن يتدخل الغرب بأي شكل من الأشكال، من هنا جاءت قصة المحظور الدولي فاستخدمت في المرة الأولى وثبت أنه لم يكن قد استخدم من قبل الحكومة وفي المرة الثانية قيل إن النظام هو الذي استخدمه .
أنا لا أعتقد الكلام لهيكل أن أوباما يريد توجيه ضربة لسوريا لأن العالم كله يسأل بشكل مختلف ذات السؤال: وماذا بعد؟ خصوصاً أن التكفيريين والجهاديين وجبهة النصرة موجودون الآن بالداخل وهم العناصر الأكثر بروزاً في الصورة الخاصة بالمقاومة فهناك حالة خلاف كبيرة بينهم أكثر من خلافاتهم مع النظام نفسه أمام موقف في غاية الصعوبة إذا ما وجهت الضربة إلى سوريا وسقط النظام فهذا سيجر آثاره على كل مكان في المنطقة.
وأوضح الكاتب الكبير أن الشعب الأمريكي لا يريد حروباً، لكننا أمام رئيس ليس واثقاً من نفسه وهو في مدته الثانية وليس محتاجاً إلى التفويض، أن يطلب أوباما هذا بصوت عال يختلف عن طبيعته، فهذا يعني أنه في مأزق ولا يعرف كيف يتصرف، قد يكون راغباً في توجيه ضربة لإثبات أنه قادر، لكن المصلحة والضرورات الأمريكية والدولية تفرض عليه التمهل .
وأشار هيكل إلى أن المبادرة الروسية في الأصل أمريكية . فوزير الخارجية الأمريكي كيري قالها علناً ثم فيما بعد كانت الأساس لبدء المفاوضات مع الروس في قمة العشرين لكن في واقع الأمر رغم اشتهاء أوباما للضربة على أساس تاريخي وشخصي فإن الضرورات تمنعه وهذا ما لا يفهمه العالم العربي وأنا أتعجب يقول هيكل أن بعض العرب في حالة إحباط أن أوباما لم يستجب للضربة وهذا هو السؤال: لماذا نفكر بدون عقل وبثارات قديمة لا نعرف مبعثها دون أن نجيب عن سؤال ماذا بعد؟ فما يحدث يؤدي إلى كارثة محققة للعالم العربي بأسره .
وفيما يتعلق بالموقف البريطاني والفرنسي من توجيه ضربة إلى سوريا قال هيكل إن الموقف البريطاني كان رئيسياً في ضرب العراق وليبيا لكن الأمريكيين اقتطعوا جزءاً من التقرير المقدم لمجلس الأمن قالوا فيه “بناء على معلومات فرنسية” وهذا دليل أنها ليست من عندهم ويبدو أن معلومات فرنسية مستقاة من إسرائيل وعلى كل الناس أن يتنبهوا ماذا فعلوا بالعالم العربي؟
نحن أمام مرحلة تشكيل في طور ترسيم ملامحها من لهم قيمة في هذا التشكيل هم الأقوى على مواجهة المستقبل أمريكا بالتأكيد موجودة لكن بطريقة أخرى فهي لم تعد قائداً ولا تستطيع بأوضاعها الاقتصادية الحالية رغم الانتعاش الراهن، المشكلة أن روسيا عائدة والصين، فالقرن المقبل آسيوي، بالتأكيد سواء استطاعت أن تلحق الهند بالصين أم لم تستطع فإن ملامح القرن الحادي والعشرين يتشكل بملامح آسيوية، الانجليز والفرنسيون لديهم ذكريات الإمبراطورية ولكن ليس لديهما وسائل هذه الإمبراطورية وهناك أوروبا الموحدة “حلف الأطلنطي” ممكن أن تكون جزءا من المستقبل لكن لن يكون ذلك لكل دولة على حدة .
وحول دور الأمم المتحدة في هذا النظام العالمي الذي يعيش طور التشكل يؤكد هيكل أن هذه المنظمة الدولية همشت منذ أزمة السويس عندما وقف الأمين العام وقتها وقال هناك دولتان من الأمم المتحدة انتهكتا الميثاق في العدوان الثلاثي، وهذا لا يمكن أن يعود فقد اهتز وأضيف إلى الاهتزاز نشأة مجموعة عدم الانحياز التي كانت مصر عضواً فيها وبدأ العالم يتحرك من خارج الأمم المتحدة بعد هذه الحركة لكننا نحتاج إلى الأمم المتحدة رغم كونها في المرحلة الحالية هي الأضعف على الإطلاق والمباحثات تخرج بعيدا عن إطارها وهذا ما بدا واضحاً في قمة العشرين، نظام الأمم المتحدة لم يعد فاعلاً لكن دوره في الفترة المقبلة مهم على الأقل حتى لو كان أخلاقياً .
وحول سؤال العجز العربي وهل هو السبب الرئيسي لما وصلنا إليه؟ قال هيكل: “نحن من استدعينا التدخل الأجنبي ولا أحبذ أن أعود إلى تواريخ قديمة لكن منذ العام 1974 ونحن نتصور أن الحل لدى أمريكا وحتى عندما حاول الاتحاد الأوروبي التدخل في أزمات الشرق الأوسط كان يقال لهم “من فضلكم لا تتدخلوا وتفسدوا اتفاقاتنا مع أمريكا فهي تقدر وأنتم لا تقدرون” الرئيس ميتران قال لي ذات مرة “باريس ليست محطة للسفر من القاهرة إلى واشنطن وليست محطة انتقال مؤقتة دورها أكبر من ذلك” .
وقال إن ثمة أنظمة استوفت عمرها وفي طريقها للسقوط، العالم الخارجي يرى ذلك، وقد تزامن هذا مع تنازل أمريكا عن مكانة الهايبر باور إلى السوبر باور لأنها أيقنت في لحظة أن تكاليف الاحتفاظ بالقوة في العالم مكلفة ولا يمكن أن تتحملها وهذا قرار سياسي سليم .
وأوضح انه لأول مرة يحدث تغيير بسبب مواقع القوى والمعرفة، من أول القرن الجديد العالم يبحث مسبقاً، والولايات المتحدة بحثت وعرفت أن منطقة ما من العالم ستحدث بها تحولات وأنها لابد أن تكون حاضرة ومؤثرة لأن القوة العسكرية قد لا تكون الوسيلة، وبالتالي كان البحث عن إحياء ما يسمى حلف الأطلنطي بعد أن بدا أمام الناس أن مهمته انتهت بنهاية الحرب الباردة والقضاء على الاتحاد السوفييتي، ويتضح في ذات الوقت الفراغ الذي قد يحدث في المنطقة وأن الأنظمة آيلة للسقوط، وبالتالي بدؤوا يفكرون في عودة الأطلنطي والنيتو وبعد بحث طويل توصلوا إلى إنشاء لجنة ترأسها مادلين أولبرايت، وهذه اللجنة وضعت تقريرها في عام 2010 في شهر مايو ويقول إن العمل بهذه المنطقة يحتاج إلى طريقة مختلفة و أن حلف الأطلنطي بعد سقوط السوفييت يحتاج إلى مهام أخرى ومن هنا يبدأ زحف دول جنوب أوروبا أصحاب المستعمرات السابقة تجاه شمال إفريقيا، حدث هذا في ليبيا وكان حلف الأطلنطي ممثلاً في تركيا يعمل في المنطقة الحساسة، الشرق الأقصى بشكل عام، وقد بدأ الوضع بالدور التركي ثم الدور الأردوغاني، وهو يتصور، وقد نجح في منصب عمدة إسطنبول، وهو منصب أهم من رئيس الوزارة، ثم نجح كرئيس وزارة، أنه لابد أن يكون رئيساً للأبد مثل الباقين ثم تلقف هذا الكلام من الحلف وكان لديه وزير خارجيته أوغلو وظهر المشروع العثماني وبدأ أردوغان يرتب نفسه لهذا الدور منذ 2010 إعلامياً وسياسياً واقتصادياً بإنشاء قواعد حقيقية للانطلاق في الوطن العربي وتركيا لديها دور تحافظ عليه وتنفذ من خلاله إلى مواقع البترول ثم تقوم بصيانة خطوط الأنابيب الموجودة في أوروبا وبالتالي هناك أهداف استراتجية وطموح إمبراطوري يراود تركيا .
وأعتقد يقول هيكل سوريا بدت أمام الجميع قابلة للسقوط، الثورات العربية تعمل على قدم وساق، ليبيا انتهت بضربة عسكرية وعادوا ليأخذوا امتيازات البترول، حدث هذا في العراق، وبالتالي بدت سوريا مربط السيطرة على المنطقة لأنها العقدة وهي كيان المنطقة الذي مزق بكل الأطماع من أول وعد بلفور إلى سايكس بيكو .
هل أمريكا تلعب لمصلحة دك البنية الرئيسية السورية: هذا السؤال يجيب عنه هيكل قائلا؟ هناك اتفاقيات لتبادل المعلومات الاستخباراتية بين الدول باستمرار وهذا مفهوم لكن الغريب أن ثمة اتفاقاً أمنياً بين الولايات المتحدة وإسرائيل، ونحن لم نقرأه ولم ندرسه، هذا الاتفاق يسمح بأن ترى إسرائيل كل المواد الخام للمخابرات الأمريكية، مثل تسجيلات المكالمات، وعندما تعطي لأحد المواد الخام فهذا يعني أن لديه المحادثات والصفقات كما جرت ولم يسبق للولايات المتحدة عبر تاريخها أن عقدت اتفاقاً أمنياً على هذا النحو سواء مع دول أوروبا أو غيرها فهي تتجسس على العالم كله، وعندما تتحدث عن إسرائيل فهي في الوضع الأمثل فالنظام العربي كله يسقط، العراق سقطت وسوريا ومصر في مشكلة، والقضية الفلسطينية في طريقها للتسوية .
وأشار هيكل إلى أنه يجب أن نأخذ في اعتبارنا أن الصراع الدولي ينتقل من الشرق الأوسط إلى الشرق الأقصى وإيران الموقع الاستراتيجي والحليف المطلوب، وأتعجب أنه لا يوجد من يقرأ الوثائق، فأمريكا وإسرائيل وضعا في مايو 73 سيناريو لغزو السعودية بواسطة إيران إذا ما حدثت قلاقل والغرب ليس مثلنا فهو يريد استرداد إيران فهي الحليف الاستراتيجي له وهي دولة ليست عربية وإذا كنا نتحدث عنها كهضبة مطلة على البلقان فهي أيضا مهمة جداً لأنابيب الغاز ومصادر الطاقة وعندما نتحدث عن حليف قوي وقادر فإن ذلك سيكون تركيا أو إيران، في عصر سابق كانت مصر ضمن المعادلة لكنها الآن بعيدة .
وقال هيكل إن سوريا مدخل خلفي لإيران والغرب لا يريد تدميرها، بل استردادها فالعرب أثبتوا أنهم أناس لا يوثق بهم وأنهم غنائم مستباحة لكن إيران ما تزال القوة وسبيل استردادها يكون بإسقاط النظام الخاص بالثورة الإسلامية .
ويؤكد أن الصين تتعامل في المنطقة بفكر مختلف عن الأمريكيين فهي تريد بناء علاقات قوية مع العرب وتتمنى أن يكونوا جيدين لكنها لن تسمح بأن تضيع إيران ولا تريد تغييرها من خلال نظام موال للغرب ثم يستخدم كمرتكز للقاعدة في الصراع نحو الشرق الأقصى .
وحول موقف حزب الله في المرحلة المقبلة، أكد هيكل أن الحزب أمام موقف صعب معبراً عن خوفه من أن يتحول لبنان إلى وضع صعب من خلال التوترات في سوريا قائلاً: “أعتقد أن لبنان أشبه بنافذة في حائط النظام العربي لكنها مصنوعة من الزجاج المعشق، فهي نظام هش إذا ما اهتز الجدار سيسقط الزجاج” .
وعما إذا كان يشعر بالذنب من موقف مصر تجاه سوريا قال هيكل: أعتقد أن سوريا كيان لو تمت دراسته جغرافياً وتاريخياً هناك ارتباط تجاه سوريا بين منطقة آسيا التي حدثت فيها حضارات وما حدث في إفريقيا هي منطقة حافلة بالأحداث والتاريخ ورسالات الهدى كانت في سوريا أو من حولها، فسوريا هي الموقع الواصل لإفريقيا وآسيا وأوروبا وليس له مثيل عالمياً وقيمته الثقافية والتاريخية بالنسبة لمصر في خروج مصر للوطن العربي، مصر ليس لها ظهير في هذه الصحارى في سيناء والأماكن المحيطة سوى سوريا . وأشعر بالذنب عندما أجد ببساطة أننا في موقف لم يسمح لنا بالتدخل في الأزمة السورية، وكنت أتصور أنها تختلف عن أي أزمة في المنطقة، وعندما كنت أنتقد الدكتور مرسي لأنه ذهب لقطع العلاقات بين مصر وسوريا أنت في وقت لا تستطيع أن تستغني عنها بالمعنى الرمزي، وأنا أعتقد أن سوريا رفعت حملاً كبيراً عنا في 6 أكتوبر وأذكر عندما ذهبت للرئيس السادات وقلت له: هل ستقبل وقف إطلاق النار بهذه الطريقة هل أخطرت سوريا؟ قال لي السوفييت يخطرونها فقلت له “عندما دخل حافظ الأسد الحرب دخل في اتفاق معك وليس مع السوفييت وبالتالي الأولى أن تخطره عند وقف إطلاق النار ولكن لم يبد مقتنعاً، سوريا بشكل ما تشعر بأنها أخلصت عندما صدق البعث لأول مرة، خاصة أن صفحة حزب البعث لم تكن ناصعة إطلاقاً مملوءة بالمشكلات والعقد بلا حدود، وقد رأيت الشعب السوري قبل الوحدة ويوم الوحدة فهو شعب مقبل على مصر إقبالا ليس له حدود، ومصر طبيعياً واستراتيجياً وتاريخياً لابد أن تكون موجودة وقريبة ومتعاونة مع سوريا، سوريا بهذا التمزيق وبمغامرات حزب البعث شعب يشعر بوحدة ووحشة .
واستبعد هيكل توجيه ضربة عسكرية لسوريا وقال إن هناك تحفظاً من أطراف عديدة تجاه الضربة، والكل يراهن أن نهاية فترة رئاسة بشار 2014 وأرى أنه من الصعب أن يترشح للرئاسة مرة ثانية، وأرى أن الجميع يرنو إلى حل سلمي ينتج عنه نظام قوي ولا يمكن فرض الحلول من الخارج .
وحول مؤتمر جنيف 2 قال هيكل: الأمريكان قالوا حتى للأخضر الإبراهيمي إن انتصارات النظام السوري في القصير لم تعد تصلح للتفاوض في جنيف ،2 ولذلك تم التأجيل لإخفاء أية آثار انتصارات للنظام السوري قد يكون بشار الأسد حصل عليها في غالب الأمر أتصور مع استهوال كافة الأطراف لما قد يحدث بعد السقوط وأتوقع أن النظام وقد أتت الضربة بنتائجها بالفعل، فقد أدركت كافة الأطراف أن بشار الأسد كنظام لم يعد قادراً على البقاء بعد 2014 لن يكون هناك طرف فائز ومهزوم، قد يكون الموقف بهذا الشكل قابلاً للبناء والأهم أن يتفق النظام والمعارضة على خطوط أساسية للشكل الائتلافي وأعتقد انه لا فائدة من الإرهابيين وعلينا أن نصل بمساعدة المجتمع الدولي والعربي إلى جنيف 2 وأن يتم الاتفاق أن الرئيس بشار الأسد لن يرشح نفسه مجدداً إلى الرئاسة، ولم يعد جائزاً أن يترشح لأن سوريا اكبر وأهم من أن تدخل في مساومات بهذا الشكل، لكن أعتقد انه من الصعب أن يوجد فراغ في السلطة في دمشق وكل الأطراف تدرك ذلك خاصة أن ثمة أصواتا لمعارضة داخلية وهم الأهم والطرف الأكبر وضد العمليات المسلحة وضد الاختراق الإرهابي يمكنهم التوصل إلى اتفاق يربط بين أطياف مختلفة ومتنوعة .
وأن اكبر خدمة يعملها بشار الأسد لسوريا أن يعلن عدم خوض الانتخابات لكن المشكلة الحقيقية انه لو أعلن هذا مبكراً، فهذا يعني أن المعارضة السورية في الخارج تشجعت للدخول وهنا تحدث مشكلة إننا أمام لغز محير . وقال هيكل إن الولايات المتحدة لا تمانع من أن يحكم سوريا تيار إسلامي، لكن ليس القاعدة أو جبهة النصرة وأكد أنه لو جاء 2014 ومايزال هناك استحكام في الأزمة أعتقد أن سوريا ستضيع، وعن فلسطين حكى أن الرئيس عباس جاء لمقابلة الرئيس مرسي، وقال “الإسرائيليون” يضغطون ويريدون تسوية دفعة واحدة ولا نعرف ماذا نصنع والأمريكان لا نعرف ماذا نصنع معهم؟ فقال له الدكتور مرسي اترك لنا الأمريكان سنتعامل معهم بطريقتنا، ويتابع أبو مازن وهو يقص القص دون الولوج في التفاصيل لكنه كان يطلق على الدكتور مرسي الشيخ مرسي “قلت للشيخ مرسي جربنا قصة اتركوا لنا الأمريكان سوف نتصرف معهم والنتيجة أن كل شيء يذهب الآن”، وأضاف هيكل: المشكلة أن التيار الإسلامي عنده حلم بالحكم والسلطة باستمرار وحرام إقحام الدين في السياسة واستعماله للوصول للسلطة دون أن تكون هناك رؤى فالمستقبل يحتاج إلى رؤى أفضل من ذلك .
الموقف الروسي
وحول الموقف الروسي ومدى استمرار مؤازرته لنظام الأسد قال هيكل: الموقف الروسي وهو عائد إلى المنطقة بقوة بنفس أهمية المنطقة للغرب هي مهمة لها أيضا، فروسيا عائدة وبقوة واعتقد أن شواهد الموقف الروسي واضحة في موقفه ولا أستطيع أن أرى أسباباً ليتزحزح وقد حققوا نجاحاً كبيراً في هذا، الأول وقفوا في وجه القوة الأمريكية، اثبتوا أمام العالم العربي أنهم بالإمكان أن يكونوا نصيراً ولم يأخذ أحد في ذهنه ظل الصين أو الظل الآسيوي كله بما تضمه من اندونيسيا ثم فيتنام الموحدة تتحدثين عن قرن وبقاياه وقرن ملامح الآسيوية فيه ظاهرة جداً ولا أتوقع أن تغير روسيا موقفها في هذه الساعة المتأخرة من النهار وأتوقع أن الجميع يراهن على 2014 .
وحول إمكانية عودة مصر إلى دورها قال هيكل: بأمانة شديدة لا تستطيع مصر أن تعود لدورها في المنطقة إلا إذا نجحت في تأسيس قاعدة ثابتة وراسخة وقوية لاتحدثوني عن دور خارجي أو إقليمي، وضعي في الاعتبار أن قوتك باستمرار كانت ناعمة ولسنا دولة عسكرية مثل ألمانيا لفرض نوع من الوحدة كان لدينا القوة الناعمة التي أنشأها القوى المصرية منذ محمد علي والمواريث الثقافية وأن من يملك التأثير هو من يملك أدوات التأثير ومن يملك الدور هو من يملك عناصر الدور . وعما إذا كان قد حدث تقارب عربي وعودة للروح القومية بعد 30 يونيو قال: ما حدث في مصر أعطى صدمة لمشروع الناتو وصدمة ضد استغلال الإسلام وصدمة تنبيه ضد تركيا حتى لا تلعب دور القائد، لكن الوضع في مصر لابد أن يتشكل بحيث يبدو أنه قادر على مقادير هذا البلد بعد ذلك . يستطيع أن يعود إذا كان مسلحاً بالوعي وقادراً على استعادة قوته وإمكانات تأثيره والعالم العربي يحتاج عودة مصر القوية حتى يستطيع أن يجمع جزءا من الشتات العربي الحادث الآن .
مقالات للكاتب أكد أن الحوار معهم خطأ في اللحظة الراهنة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق