السبت، 26 يناير 2013

فراغ سياسي


عبد المنعم الاعسم
الحالة السياسية الآن اقرب الى حالة الفراغ، ثمة توازن قلق بين القوى المتحكمة في المعابر الى المستقبل، وهناك عجز شامل عن الاسترشاد الى ما هو صحيح، وثمة فجوات عميقة قد ينزلق اليها لاعب او تكتل ليصبح خارج الخارطة او يُدفع الى الهاوية ليكون كبش فداء،، تلك هي احكام حالة الفراغ، إذ شهدت دول كثيرة عاشت سنوات صراع ونزاع وانشقاق هذا المآل، بعض دول الربيع العربي مرّت به بهذا الشكل أو ذاك. بقول عالم السياسة الكندي جون غي فيلانكور ان الكثير من الامم انقذفت الى الوراء حين وجدت نفسها في حالة نزاع، ثم فراغ، لم تستطع الخروج منهما،، او حالة هزال وسط امم قوية تتصرف بروح من الوصاية على البلد الذي يمر في حالة فراغ سياسي: هو يتآكل والامم الاخرى تستقوى، الفراغ، في جميع المصطلحات حيز ضعيف ومنطقة خاوية مستهدفة، وفيزيائيا، يعتبر ضغطه اقل من ضغط المحيط، والفراغ السياسي مآل تنقذف اليه البلدان في حالات تخرج خلالها عن كفالة النصوص الدستورية وتأثير قوى النفوذ، وتسمح لقوى اخرى بالتدخل وفرض مشيئاتها السياسية على ارادة الشعب، بما يفتح هذه البلاد على مصير مجهول. الفراغ السياسي، يخلق فراغا امنيا، فان قوى الجريمة والعنف، والمشاريع التآمرية الممولة من وراء الحدود تجد في ذلك مجالا للامساك بطرف من اطراف المعادلة السياسية، كما يخلق ظروفا مواتية لسيادة خيارات وسياسات لا معادل لها في الواقع، وصعود زعامات غير ناضجة ولا كفاءة لها بإدارة الازمة الى واجهة المسرح، فيما يغلق الطريق على الديناميكية السياسية ويجعل من الادارة اشبه بشاحنة بلا عجلات، حتى مع استفراد زعامة سياسية فردية، كما في حالة النظام السابق، فان الفراغ السياسي يحدث على نطاق واسع ويعرض البلاد الى مخاطر جمّة مع شلل عام يصيب الرأي العام الذي ينقسم بين متفرج على ما يجري ومتواطئ مع الاستبداد، وفي حالات كثيرة يملأ الفراغ السياسي عامل خارجي عن طريق الانقلاب او بواسطة الحرب، وتظهر الحقيقة المفزعة التي تتمثل في ان استمرار حالة الفراغ السياسي من شأنه ان يعرض البلاد الى اخطار الحرب والتمزق، والفراغ السياسي خادع بحيث يعطي للمغامرين شعورا بالقدرة على الانقلاب على المعادلات القائمة، ويعطي لأصحاب السلطة وهما بانها ستبقى بين ايديهم الى الابد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق