لم يكن الإرهاب في حاجة إلى أكثر مما توافر له بدءاً من الأجواء المساعدة كتلك التي تهيئها دول عربية وإقليمية وغربية، مروراً بالدعم المعلن دون حدود.. وانتهاء بلغة التحريض والتجييش وبكل هذا الحشد الدولي الموازي لها.
هكذا بات الإرهاب وجهة نظر، وأصبح الحوار مع الإرهابيين مسألة قابلة للنقاش.. والقتل والتخريب والدمار أعمالاً لها مبرراتها ومسوغاتها، بل لها مؤيدوها ومريدوها ودعاتها ومنظروها وممولوها.
وهكذا أيضاً بات الإرهاب يقابل بالصمت المطبق، حتى الحديث عن القاعدة وأذرعها وأسلوبها الواضح يلفه الصمت، فيما بدت المواقف العربية برمتها مريبة ومدعاة للشك في دورها وموقعها !!.
لا شك أن الألم السوري لا حدود له.. وأن ما يكابده السوريون بات فوق كل تصور.. لكنه في القدر نفسه يؤكد أنهم يخطون في الاتجاه الصحيح، بل ويعيدون ترتيب المعادلات على وفق معايير جديدة، وأن هذا الاستهداف الإرهابي المزروع في جنبات وطنهم آخر السهام في جعبة المتآمرين.
لذلك حين تُدمى صباحاتهم هنا وهناك وعلى امتداد الوطن يدركون أن التحدي بات أوضح من أي وقت مضى، وحين يستمعون إلى خطابات الغرب وأدواته في المنطقة يتأكدون أن المؤامرة عندما تكون في طورها الأخير تصبح أكثر دموية.. وحين تعلو أصوات المفلسين في المنطقة.. يدركون بقناعة مطلقة أن محاولاتهم اليائسة باتت تقارع في النزع الأخير.
ربما الإجابات الصعبة التي نبحث عنها في كل الأسئلة التي يطرحها الإرهاب الدموي نجدها اليوم في السطور التي تتخفى وراءه، وتلك التي تتحدث عمّا يجري في الكواليس والاجتماعات وأدوات الاستنفار السياسي.
والإجابات الأهم تقدمها تلك المعادلات التي ترسم اليوم حين تصبح مهمة المبعوث الدولي المطية الجديدة لتسرب الإرهاب واستفحاله، والعنوان المصطنع للاستهداف، يحق للجميع أن يتساءل عن مغزى هذا القلق الأوروبي على تلك المهمة، والمخاوف الأميركية من المخاطر التي تتهددها.
ما نراه في منطق الأحداث وتصاعد الإرهاب أن مهمة السيد أنان لا تحتاج قلق الأوروبيين ولا الأميركيين ولا حتى بعض العرب.. لأنهم كلما عبّروا عن هذا القلق.. استبقت صباحاتنا التفجيرات الإرهابية، وكلما تحدثوا عن مخاوفهم على المهمة جاء الردّ من الإرهاب أكثر دموية.
وكما المهمة لا تحتاج ذلك فإننا نحن أيضاً كذلك كنا نرى في قلقهم ما يثير الشك والريبة لأنه بات بمثابة أمر العمليات الذي تتبعه تصعيدات دموية إرهابية وربما كان إشارة التنفيذ التي ينتظرها الإرهابيون.
المسألة ليست اتهاماً ولا تجنياً... بل هي تحاكي الواقع تماماً، إذ إنه كلما لاحت في الأفق المخاوف الأميركية، أو برزت إلى العلن ملامح القلق الأوروبي أو جاءت التحذيرات والنسب من قطر والسعودية أو التفسيرات من تركيا كان الإرهاب يعلن حضوره في ساحاتنا وشوارعنا ومدننا.
الإرهاب الذي زرعوه لن يغير من تموضعات المعادلة، ولن يبدل من اتجاهات المواجهة.. جربوه في الماضي وخسروا.. واليوم تبدو خسارتهم أقرب من أي وقت مضى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق