محمد جمعه
press_mo2012@yahoo.com
لا أخفي عليكم، كلما ارتفع منسوب يقيني بأننا أصبحنا على أعتاب مرحلة فائقة التقدم في مجال الديمقراطية والبناء المؤسساتي للدولة، تجتاحني موجة قاسية الحرارة تفوق حرارة القارة السمراء، فتحيل ارتفاع ذلك المنسوب إلى بخار يتجمع غيوماً في سماء التفاؤل المنشود، فتطردها رياحنا المحلية التي نسميها رياح (السموم)، فترحل مرغمة إلى فضاءات الأوطان الغريبة، لتطلب اللجوء بشقيه السياسي والإنساني،.. هرباً من التصحر الحضاري والفكري لبناء الدولة الحديثة، وامتعاضاً من العواصف الترابية القادمة من الجزيرة المحاصصاتية التي لا تفارق أجواءنا، لتصب وابلها حيث المراعي الخضراء هناك، اعذروني فهذا واقع حال لا مناص منه ولا مفر، وأعتقد أنكم ستعذروني عندما تقرأون ما حدث مع أحد أبناء صاحبة الجلالة حين ذهب لعمل تقرير اخباري في مجلس النواب الموقر برفقة زملائه، و أثناء الطريق قال أحدهم لزميلي العزيز المثابر الذي طالما يشدني إليه في تقاريره المثيرة، قال له: لقد وعدتني أن تدعوني لتناول (الباجة) في وجبة الفطور، وقد مضى على ذلك أكثر من شهرين وفي كل يوم تقول: غداَ.. وأعتقد انك تريد التملص والتخلص من هذه الدعوة، وبما إن أمامنا متسع من الوقت للذهاب إلى البرلمان، فلا بد لك أن تفي بوعدك سيما إن مطعم الباجة أصبح قريب علينا جداً، فما كان من زميلي إلا الرضوخ للأمر، والدخول إلى المطعم، وما إن قام النادل بإنزال الطعام حتى بدأ تمزيق (الباجة) وأكلها بشراهة عالية من قبل أبناء صاحبة الجلالة اضطرهم ذلك إلى شرب ماء كثير وأكواب وليس كوب من الشاي، في سبيل التخلص من العطش الذي يولده أكل الباجة، ويبدو أن ذلك لم ينفع أمام (الدسومة) التي تحملها هذه الوجبة، وبعد أن تمت عملية افتراس الباجة، بنجاح شد الزملاء رحالهم صوب مبنى البرلمان لإنجاز العمل المناط إليهم، وعند وصولهم اشتد بهم العطش، فما كان من زميلي إلا أن يقوم بطلب قنينة ماء من أحد العاملين في البرلمان، وللأسف الشديد فإن طلب زميلي لم يحظ بالقبول وإنما جوبه بالرفض!! وكان الرد من قبل العامل: آسف.. لا أستطيع أن أعطيك قنينة ماء، لأن حصة رئاسة البرلمان قد نفدت وما بقيت إلا حصص الكتل السياسية، ولا يحق لي التجاوز عليها.. مما أصاب ذلك زميلي بالدهشة وأخذ ضغط دمه يرتفع لسببين، الأول امتعاضه من هذا الموقف المضحك المبكي والثاني لارتفاع نسبة (الدسومة) نتيجة أكله (للباجة)...
رغم ذلك سأبقى متفائلا حيال ما ستؤول إليه أمور وأوضاع موطني صاحب الجرح النازف من زاخو إلى الفاو، ويبقى أملي أكبر من عمري الذي عشته وسأعيشه أن شاء الله في ان العراق سيصبح قبلة العالم في شتى المجالات وقد يجدني البعض من الحالمين الواهمين، ولكن من حقي أن أحلم كيف ما أشاء دون أن يزاحمني أو يعارضني أحد أو يقطع الماء عني، مثلما ستفعله أنقرة عند الانتهاء من بناء سد اليسو على نهر دجلة لتمنع الماء عن أبناء موطني، يا سادة يا كرام إن لم نكن متراحمين فيما بيننا فكيف يرحم بنا الآخرون؟ وإن كان حتى الماء قد شمل بالفيدرالية فكيف نبني عراقاً موحداً...؟ عموماً سأحلم عسى أن لا يعترض عليَّ أحد بدافع الفيدرالية، فالأحلام حق مشروع لكل مواطن وإن لم يكفله الدستور!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق