الاثنين، 26 سبتمبر 2016

اغتيال الموهوبين


~اصحاب المواهب مهما كانت فكريةً أم فنية أم أدبية أم بلاغية تلقى استجابات متفاوتة لدى الاخرين من حولهم؛ فمنهم من ينظر لهم بكل احترام ويشير لاصحابها بإصبع الإعجاب ومنهم من يبدي منهم الامبالاة وكأنهم لا يعنون شيئاً.. ومنهم من يحسّ أزاء الموهوبين بعدوانية غير مبررة تبدأ بالتمني بزوال الموهبة لتنتهي باقتناص الفرص لإلحاق أشد انواع الضرر الذي قد يصل حد الايقاع بهم بل بقتلهم!! كالذي حصل بقتل هابيل من قبل قابيل.. الردود الطبيعية المتوقعة من الناس تجاه أصحاب المواهب منها ما يشير الى الإعجاب والتبريك وهو الطبيعي والمتوقع.. ومنها ما يحرك فيهم روح التأسي بالموهوب ومحاولة تقليده ومنها التنكر له ومحاولة طمس ذكره.. ومنها سرقة نتاجه ومنها محاولة إلحاق الضرر به والكيد له كما في ابشع صورة تجسدت في ابناء يعقوب ع تجاه أخيهم يوسف !!
ولا يقف الحسد لدى البعض حتى بعد وفاة الموهوب اذ يواصل الحاسد حربه كلما ذُكر المحسود بخير بما له من موهبةٍ علمية أو سلوكية أو مكانةٍ اجتماعية كل ذلك وغيرها من المواهب تثير في الحاسد احقاداً دفينة رغم موت الضحية..
ومن أغرب صور الحسد هو عندما يتنعم الحاسد بخير الموهوب وقد استفاد من نعمه ومع ذلك يقابله بالعداوة وصدق المتنبي وهو يقول:
‎وأظلم أهل الظلم من بات حاسدا
‎                          لمن بات في نعمائه يتقلّب
انتشار الحسد في أي مجتمع يحمل دلالات خطرة من أدناها هو استغراق الحاسد في ذاته بحيث لا يتحمل أيّ موهوبٍ عداه.. ومنها ما ينذر بوبال نشر "ثقافة التحاسد"  اي تبادل الحسد.. وتمني زوال الملكات الخيرة من الموهوبين وهو من أخطر أنواع "الاغتيال المعنوي" انه "اغتيال الموهوبين"..
ان مجتمعاً تنتشر فيه ثقافة الحسد يتم معه اغتيال الكفاءات بكل أنواعها كما تختفي فيه ظاهرة الرموز الكفوءة والتي يفترض فيها أن تكون موضع استقطاب المتلقين من ابناء الشعب مهما كان تاريخهم قديماً وهي أحدى سمات المجتمع الحي اذ تجد الرموز بما تحمل من دلالات الكفاءة تستقطب اجيال التلقي المعاصرة واللاحقة ومنها يتم العبور من الرموز الى ملكاتهم القيادية وكفاءاتهم وتضحياتهم وأن التنكر لهم يعني قتل العطاء لدى الموهوب بل واغتيال التلقي لدى المتأسين.. لا بد من إشاعة الثقافة المعادلة لحفظ هذه الثروة المعنوية كما يحافظ على الثروات المادية..

http://beladitoday.com/?iraq=%C7%DB%CA%ED%C7%E1-%C7%E1%E3%E6%E5%E6%C8%ED%E4&aa=news&id22=68312

    

مقالات للكاتب د . إبراهيم الجعفري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق