الثلاثاء، 27 سبتمبر 2016

حرب المصطلحات

~تتعدد الحروب في أسمائها عبر التاريخ بحسب الزاوية التي ينظر لها فاحياناً تسمى من زاوية مدة الحرب كحرب الثلاثين عام أو حرب المائة عام أو حرب الايام الستة أو من زاوية البلد الذي تندلع فيه كحرب اليمن وحرب الڤيتنام أو من زاوية الدافع الذي أدى لها كحرب الطحين في فرنسا أو من زاوية سعتها للبلدان التي شملتها والتي تصل الى حجم عالمي كالذي اطلق على الحربين العالميتين الاولى والثانية.. لكن "حرب المصطلحات" يقصد بها الحرب التي تستهدف إلحاق الضرر بالخصم من زاوية الفكر أو السياسة بتوظيف المصطلح كأداة لاضعاف الاخر وتشويه صورته كمصطلح "الدول المحبة للسلام" اشارةٍ الى ان الاخر لا يحب السلام كالذي استعمله معسكر الاتحاد السوفياتي مقابل  المعسكر الغربي والذي استخدم مصطلح "العالم الحر" إشارةً الى ان العالم الاخر ليس حرّاً.. وفي هذا السياق يأتي مصطلح أهل "السنة والجماعة" وهو بظاهره يرمز الى المسلمين جميعاً من موقع تمسكهم بالسنة قولاً وفعلاً وتقريراً لما يصدر عن المعصوم وهو أعم من أن يكون نبياً أو وصياً.. غير أنه سرعان ما تضيّق مجال تطبيقه على شريحة معينة من المسلمين فيما اقترن بمصطلح "التكفير" للشرائح الاخرى من المسلمين.. وهو مصطلح ليس إسلامياً وان جاء على لسان المسلمين لانه لم يرد في القران الكريم ولا في النبوي من الأحاديث المعتبرة.. والقران الكريم اهتم اهتماماً بالغاً بتحديد المفهوم حين نهى عن استعمال مفهوم "راعنا" وأمر باستعمال "انظرنا"  }يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَقُولُواْ راعِنَا وَقُولُواْ ٱنظُرْنا{..
الامة الحية تعي مفردات لغتها المتداولة لتستخدمها بدقة بالغة دون أن تردد كلماتٍ قد تسيئ لها وتخدم اعداءها ولو من غير قصد.. تطور لغة الاعلام والاعلام المضاد يجعل من السهل تمرير الكثير من الافكار المعادية على لسان ابنائها وهو ما أشار اليه الامام علي عليه السلام: " يَا كُمَيْلُ بْنَ زِيَادٍ الْقُلُوبُ أَوْعِيَةٌ فَخَيْرُهَا أَوْعَاهَا، وَاحْفَظْ مَا أَقُولُ لَكَ: النَّاسُ ثَلَاثَةٌ: فَعَالِمٌ رَبَّانِيٌّ، وَمُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبِيلِ نَجَاةٍ، وَهَمَجٌ رَعَاعٌ أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ" ..‬
المصطلح مفردة مهمة في المنظومة الفكرية لكل مدرسة يترتب على استعماله اثرٌ لا يستهان به مما يستلزم من المثقفين الاحاطة به قبل تداوله..
فمصطلحات "المنظمات الإرهابية" و"حرية التعبير" و"المجتمع المدني"  و"حقوق الانسان" و"محاربة الفساد" و"التمييز الجنسي" و"التطبيع" وغيره أضحت سلاحاً فكرياً قد يقال كحق ويراد به باطل!!
مما يستوجب إمعان النظر بها واستعمالها في البناء..

http://beladitoday.com/?iraq=%CD%D1%C8-%C7%E1%E3%D5%D8%E1%CD%C7%CA&aa=news&id22=68386

    مقالات للكاتب د . إبراهيم الجعفري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق