شهد الاسبوع الماضي تقديم مجموعةٍ من المسؤولين في دول مختلفة، استقالاتهم من مناصبهم، لدواعٍ وأسباب مختلفة، وهو ما يشجّع على انتشار ثقافة الاستقالة في الدول العربية الحبيبة! بدأ مسلسل الاستقالات برئيس الأركان الليبي يوسف المنقوش الأحد الماضي إثر مقتل 30 شخصاً في مواجهات بين «مليشيات» ومتظاهرين «مناهضين للمليشيات» في مدينة بنغازي.
ومن حسن حظ الشعب الليبي أن البرلمان قبِل الاستقالة فأراح واستراح! في يوم الاثنين قدّم رئيس الوزراء التشيكي بيتر نيكاس استقالته بعد ضغوط تعرض لها إثر اتهام أقرب مساعديه بالفساد واستغلال السلطة. وقد أحسن الائتلاف الحاكم بقبول الاستقالة وتشكيل حكومةٍ جديدةٍ برئاسة شخصية أخرى، ولم تخرج جماعةٌ من حزبه لترفع شعار: «مالنا غيرك يا نيكاس»! وتم اعتقاله وستة من جماعته! في يوم الثلاثاء قدّم رئيس بلدية مونتريال مايكل ابليبوم استقالته بعد توجيه الشرطة 14 تهمة فساد.
وخرج للصحافيين قائلاً: إن هذه التهم لا أساس لها من الصحة! وأنا لا أستطيع المضي في عملي وأنا أُتهم بالفساد، لذلك أقدّم استقالتي، وهذا يدلّ على إحساسي بالمسؤولية تجاه عملي، وأنا لم أقبض أي مبلغ مالي من أي شخص»... ومع ذلك اعتقلته الشرطة بتهم التلاعب والفساد واستغلال السلطة في البلدية، علماً بأنه لم يمض على استلامه للمنصب أكثر من سبعة أشهر، في أعقاب استقالة سلفه المتهم أيضاً بقضايا فساد. في يوم الأربعاء، استقال وزير السياحة المصري هشام زعزوع، ولكن احتجاجاً على تعيين الحكومة محافظاً جديداً لمحافظة الأقصر السياحية، وهو قياديٌ بالجماعة الإسلامية التي نفذت عمليات ضد السيّاح في الثمانينيات والتسعينيات.
أما آخر الاستقالات، فقد أعلنها أمس (الخميس) رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد رامي الحمدالله، الذي لم يمض على ولايته أكثر من عشرين يوماً، ولم يعقد خلال هذه الفترة إلا جلستين لمجلس الوزراء. وقد عُيّن الحمدالله خلفاً لسلام فياض الذي استقال منتصف أبريل/نيسان الماضي. وقد بدأت التكهنات حول أسباب استقالته، فذهب بعض المحللين إلى أنها تعود لخلافات على صلاحياته، بينما ذهب آخرون لعدم وجود ميزانية وسيولة مالية تغري بالعمل وتشجّع على الاستثمار! إن أسبوعاً يبدأ باستقالات وينتهي باستقالات، لهو أسبوعٌ مباركٌ! ومن شأن هذه التطورات المتلاحقة أن تشيع جواً من التفاؤل لدى الشعوب العربية، وخصوصاً في أوساط الشباب الذي يعاني من البطالة والتهميش والتمييز القبلي والمناطقي والطائفي والبربري؛ بإمكانية حدوث تغييرات سلمية تلقائية من دون مظاهرات ولا اعتصامات.
كما سيساهم في نشر ثقافة الاستقالة طوعاً، وعدم الالتصاق بالكرسي حتى يوم القيامة! إننا نقترح بمناسبة حلول هذا الأسبوع المبارك، على منظمة الأمم المتحدة، بقيادة الأمين العام المناضل بان كي مون، أن يعلن الأسبوع الأخير من شهر يونيو من كل عام، باعتباره «الأسبوع العالمي لتقديم الاستقالات»، تشجيعاً للتحوّلات الديمقراطية السلمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا!
مقالات للكاتب قاسم حسين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق