هل من المبالغة القول ان مصر سائرة الى التفكك, وان احتمالات دخولها في حرب اهلية تلوح نذرها في الاجواء الملّبدة بكيد الاخوان المسلمين وتهديداتهم بـ»ثورة اسلامية شاملة» إذا تم عزل مندوبهم في قصر الاتحادية محمد مرسي, الذي جاء الى الحكم بالصدفة المحضة وفي ظروف عاصفة وغير مسبوقة وضعت الشعب المصري وخصوصاً قواه الثورية امام امتحان صعب يقضي بالاختيار ما بين الاسوأ والاسوأ وليس السيء والاسوأ, لكن الحظ او قل تواطؤ المجلس العسكري المرتبط مباشرة وعبر الخطوط الساخنة المعروفة وباعتراف جنرالات ورؤساء أجهزة امنية مصرية بالبنتاغون, جاء لصالح المرشح الاحتياطي للاخوان المسلمين, بعد ان تعذّر ايصال راسبوتين خاصتهم الذي هو الان الحاكم الفعلي لمصر أو قل صاحب القرار فيها ونقصد بذلك خيرت الشاطر الذي يشغل منصب نائب المرشد العام للاخوان المسلمين.
كل هذا اصبح وراءنا وبات جزءا من التاريخ, بعد ان أوشك محمد مرسي على اكمال العام الأول من ولايته التي بدأت في الثلاثين من حزيران الماضي وها هي الذكرى الاولى ذاتها تشكل فرصة سانحة للتخلص من هذا الرجل الذي لم ينجز أي شيء يذكر وتيقن الجميع أن «الاخوان المسلمين» بلا برنامج أو قدرة على الحكم وان مشروعهم السياسي ينحصر في الهيمنة والتسلط وقمع المعارضين واستكمال مشروع التمكين وإحكام القبضة على مفاصل السلطة على نحو يحول دون أخذ معارضيهم او حتى من يماثلونهم في ادعاء امتلاك الحقيقة وتكفير الناس واللجوء الى الارهاب لتحقيق غاياتهم, أي حصة من كعكة الحكم, إلاّ اليسير, وما يتيح توظيف اصواتهم و»حناجرهم» وارهابهم ضد المعارضين, كما فعلوا مع حزب النور السلفي وعندما اعترضت الاغلبية في ذلك الحزب على التبعية التي يبديها زعيم الحزب, اوعزوا للاخير بالانشقاق فشكل حزباً تحت اسم آخر «الوطن» وتعمقت تبعيته.
اين من هنا؟
الذين يطرحون هذا السؤال الاستنكاري مسكونون بحب مصر وشعبها وحريصون على دورها القومي والتاريخي والحضاري, الذي مسّ به أنور السادات وطعنه حسني مبارك وجاء الاخوان المسلمون كي يحولوا مصر الى «عزبة» ودولة هرمة لا تقوى على اطعام شعبها ويعرضون مواقعها الاستراتيجية للايجار والبيع ويقدمون الضمانات لاسرائيل كي تمضي قدماً في تنفيذ مشروع اسرائيل الكبرى, ولا يعيبهم ان يحولوا مصر العظيمة وشعبها الطيب المعطاء الى «متسول» من الذين اغتنوا فجأة أو من الكبار الذين لا يدفعون دولاراً إلاّ ليأخذوا عشرة امثاله, فضلاً عن ربط المصالح المصرية وتسخيرها لصالح المشروع الصهيواميركي الذي لا يزال فاعلاً حتى اللحظة بدليل ان مندوب الاخوان المسلمين في قصر الاتحادية, قام بقطع علاقاته مع دمشق, وهي البوابة الأهم التي –وكما يقول التاريخ وحقائق الجغرافيا- لا يتحقق امنها القومي إلاّ بوجود علاقات متميزة بين عاصمة المعز وعاصمة الأمويين, فضلا عن استقواء الآخرين الذين لم يكونوا يحسبون حساباً لأحد قدر رصد ردود فعل القاهرة على أي خطوة يُقدمون عليها وخصوصاً تجاه النيل, لكنها كانت قاهرة عبدالناصر وليس قاهرة الاخوان المسلمين الذين يتخبطون في قراراتهم ولا همّ لهم سوى الاعتداء على المثقفين والتنكيل بالاعلاميين وقمع المتظاهرين والتصالح مع رموز نظام مبارك وأخوَنة الدولة, حتى انهم لم يتورعوا عن تعيين محافظ للأقصر كان من ابرز السلفيين الذين قارفوا جرائم ارهابية كانت ابشعها مذبحة الاقصر عام 1997.
هل تتفكك مصر؟
بحساب العواطف والتمنيات لا احد يتمنى لمصر مصيراً كهذا, لكن المؤشرات تشي بأن جماعة الأخوان المسلمين ومن حالفهم من السلفيين والتكفيريين, لا يريدون للشعب المصري ان يعّبر عن رأيه في الثلاثين من حزيران الجاري وانهم مستعدون لارتكاب مذابح اشتهروا بارتكابها عبر تاريخ دموي ودعمهم لاسوأ الحركات والتنظيمات الجهادية والتكفيرية التي لا تقيم وزنا لحياة البشر ولا لحق الاختلاف وخصوصا الاجتهاد.
لذلك كانت «مليونياتهم» الاخيرة رسالة للرافضين لحكمهم محمولة على «فتاوى» تبيح قتل المعارضين وسبي نسائهم لأنهم كافرون ومرتدون... انهم يحفرون الخنادق ويحضرون لمذبحة رهيبة ضد الشعب المصري لن تخرج منها مصر الا منهكة ومنقسمة ومفككة.
مقالات للكاتب محمد خروب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق