الأحد، 27 نوفمبر 2016

اغتيال الرمز

اغتيال الرمز


~مفهوم الاغتيال يوحي بالتصفية البدنية أو المعنوية لشخصية معينة متجسدة بفرد أو مجموعة وبالنتيجة شلّ تأثيرها في دوائر التأثير المختلفة عائلياً أو اجتماعياً أو سياسياً.. عادةً ما يكون الشعب أيّاً كان دينه أو قوميته أو اتجاهه السياسي لصيقاً بالرمز ولا يستغني عنه بمختلف الظروف..
ماذا يعني الرمز ؟؟ هو شخصية ذات مواهب وقدرات متنوعة اجتمعت فيه لتضفي عليه قدرة جذب تحاكي حاجات معاصريه وتلبي طموحاتهم وترسم لهم صورة النموذج القدوة الذي يصلح ان يكون مثالاً للنظرية والتطبيق وعند الشدة والرخاء وعادة ما تعيش المجتمعات في حالة انشداد للرمز ما دام الرمز يتمتع بقدرة استقطاب للاخرين وحتى اذا ضعفت قدرته الاستقطابية تبقى الحاجة له قائمة فقد يتقبل المجتمع "ضعف الرمز" لكنه لا يصبر على "فراغ الرمز"..
"الفراغ الرمزي" من شأنه ان يجعل الامة في متاهة وفقدان بوصلة الحركة وبالتالي ضياع زخمها بالمحصلة وهو ما يجعل الرمز في حالة استهداف بالاغتيال لما يؤدي ذلك الى اغتيال ارادة أمته..
اذا دار الأمر بين ان تفقد الامة رمزاً من رموزها أو يكون الرمز ضعيفا نسبياً فإن "الضعف النسبي" للرمز أهون عليها من فقده لان في فقده تغييب ارادة بحجمٍ ما والتي قد تصل الى حجم أمة واستهداف الرمز في الظاهر هو استهداف الامة في العمق..
هذا اذا كانت الامة لها من الوعي والحيوية ما يجعلها تفرز رموزاً يمثلون قدرها ويرتقون الى مستوى طموحاتها ذلك هو شأن الامة الحية الولود التي تغذي أجيالها بأصحاب الكفاءة والتضحية والدأب والمواصلة والذين يصدقونها التعامل في كلّ ما يضرها وينفعها..
قد يكون أعداء الامم على درجة عالية من الدهاء والكيد فيكتشفوا معها مكامن القوة الحقيقية في رموزها ويبذلوا قصارى جهودهم لتصفيتهم اما جسديّاً أو معنويّاً..
ما يعنيه الرمز هو الفكر الذي يحمله والتاريخ الذي قطعه على ذات الطريق والمصداقية التي يجسدها وما يتمتع به من قوة الاستقطاب والتمسك باهداف أمته التي بذل حياته من أجل تحقيقها واستهدافه وهو بهذا الحجم خسارة ان لم تكن كارثة }مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي ٱلأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعاً{..
ما يحمّل مسؤولية "الاغتيال المعنوي" للكثير من الرموز التي تمت تصفيتها هو النيل منهم وتطاول الناس عليهم بغير وجه حق.. بئس الامة التي تغتال رموزها ثمّ تبكي عليهم.. إنّ أمَّةً تعين اعداءها على نفسها وتعمل جاهدةً على اغتيال رموزها لا تقوى على البقاء بل لا تستحق الحياة.. على عكس الامة المعطاء التي تصرّ على البقاء بل التجديد والحيوية رحمها ولود ينجب رموزاً مع توالي الزمن.. 

http://beladitoday.com/?iraq=%C7%DB%CA%ED%C7%E1-%C7%E1%D1%E3%D2&aa=news&id22=68189

    مقالات للكاتب د . إبراهيم الجعفري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق