قرأت قبل أيام, كتاب الإستراتيجية الأمريكية في العراق والمنطقة, ومن خلال التمعّن بمضمونه، وجدنا إن السياسة الأمريكية بكل حيثياتها، تأخذ شكل الهيمنة ومحاولة ارتداء وتعميم نظام الحرية على وفق المنظور الغربي القائم على ادعاءات إلاصلاح الاقتصادي والسياسي، وهو ما تبرره الآن بما يحدث في المنطقة، من مفهوم خاطئ لما يطلق عليها (ثورات الربيع العربي) المبنية على خلق الفوضى الخلاقة، من أجل تنفيذ أجندة مسخرة مرتهنة بالأنموذج الفكري الذي تريد واشنطن وإسرائيل وإتباعهما من العملاء في المنطقة كالسعودية وقطر وتركيا إسباغه وتطبيقه على الشعوب والمتتبع لكل ما فعله الاحتلال للعراق عام 2003 واضح والجميع يتذكر ما سببه نهاية عام 2005 ودعمها لبعض القوى السياسية وتعميق الخلافات، بين السنة من جهة، والشيعة من جهة أخرى وإدخال الأكراد في لعبة الاستجابة للانفصال والمطالبة بالاستقلالية، مما جعل المجتمع العراقي يتحوّل إلى حالة من الإنقسام والتوتر ومظاهر مختلفة من العنف الطائفي، واليوم بعد كل الذي حدث ويحدث تحاول وللأسف الشديد بعض القوى والشخصيات السياسية المرتبطة بالمشروع الأمريكي والإسرائيلي، ومن لف لفهم العودة بالعراق الى هذا المربع الخطير، فمن مطالب المتظاهرين في المناطق الغربية المشروعة منها إلى تشويه وتحويل بعض هذه التظاهرات والمطالب إلى ما ترغب به الأجندة الخارجية، فبرغم الاستجابة السريعة للحكومة لبعض المطالب وتشكيل لجان وخلية أزمة إلا إن ما نفذته، يعد في نظر الكثيرين أمراً غير مقبول ومرض ٍ، حتى لو تحققت كل المطالب فما مطلوب ومن منطلق متابعتنا للأحداث، نتيقن بان المطالب أكبر من ذلك والمطالبات الأخيرة، تمثلت باستقالة (المالكي) إذن ماذا بعد ؟ ليأتي تفسيرنا وإجابتنا بان المشروع هنا لا يتمثل برحيل واستقالة المالكي لأنه حتى لو تحقق ذلك، وجاء غيره لوجدنا بان الحال هو نفس الحال، فهؤلاء يرغبون في تحويل العراق إلى ساحة من الصخب السياسي، والفوضى واستمرار تضليل الشعب بحقيقة ما يريدونه، وإيجاد كل التبريرات لإقناع العالم بسلامة ما يطمحون به ليكون مطلبهم الحقيقي هو الإصرار على تقسيم العراق وتدمير كامل للبنى التحتية، وتمزيق أوصاله وتفكيك مؤسساته تطبيقاً لنظرية (الفوضى الخلاقة) التي ذكرنها، والتي أبتدعها الأمريكيون عادة لرسم خريطة جديدة للعراق والمنطقة على حد سواء، وجعل زعامته بيد من سفك دماء الأبرياء من السلفيين والوهابيين، وأسهم في القتل والتهجير المتعمد ورفع شعار الطائفية، وبعد كل ذلك نحن على يقين بان الخيرين والشرفاء من أبناء العراق هم (كثر) وهناك من سيرد على كل من تسوّل له نفسه العبث وخلق الفتنة بين أبناء الشعب العراقي، والتكاتف هو ما مطلوب الآن وشعار الوحدة والتلاحم واضح للرد على أصحاب التقسيم، وإظهار النية الحسنة لا المبيتة الظاهرية التي تعكر صفو الإخوة بين أبناء الشعب الواحد وإلا منْ الشيعي، ومنْ السني، ومنْ المسيحي ومنْ الصابئي، الكل يحملون الهوية الوطنية العراقية، وسيقفون بقوة في وجه العملاء المأجورين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق