منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى آدم عليه السلام, ومبدأ
الصراع بين الخير والشر مستمر قائم, ودائماً يتجسّد الخير في من يتبع رسالات
السماء, ويؤمن بالشرائع والحدود التي أقرها الله سبحانه, فمحور الخير قد تجسّد في
آدم عليه السلام, أما الشيطان الرجيم فهو يمثل محور الشر, وبعد ذلك انتقل الصراع
الى نسل آدم عليه السلام بين هابيل وقابيل, وحدثت أول جريمة قتل عندما أقدم قابيل
على قتل أخيه هابيل بسبب الطغيان والغيرة لأن الله تقبل قربان هابيل لأنه انتقى
أفضل ما لديه من العطاء ليقدمه لله وقابيل انتقى أسوأ ما لديه, وبقي مبدأ الصراع
قائماً بين الطرفين, فمن اتبع أوامر الله دخل معسكر الخير, ومن اتبع الشيطان دخل
معسكر الشر, وبقي دائماً ديدن الطغاة أتباع خطوات الشيطان وعصيان أوامر الله وقتل
الصالحين من صفوة خلقه من الأنبياء والأولياء, ممن اتخذوا من إصلاح البشرية منهجاً
وطريقاً ومن عبادة الله زاداً لا يحيون دونه..
موسى بن جعفر (عليه السلام) إحدى دعائم الأمة الإسلامية
ومحور من محاور الخير في الأرض ودعاة المنهج القويم من ذرية الرسول الأكرم (عليه
وعلى آله أفضل الصلاة والسلام) ومن أبناء علي وفاطمة "عليهما السلام", سار على نهج
آبائه وأجداده في إتباع طريق الحق والدعوة الى سبيل الله, ومقارعة الطغاة, عاش
زاهداً في الدنيا عابداً, حليماً كاظماً للغيظ, راغباً الى الله, يقضي ليله ونهاره
ساجداً بين يدي ربه, حتى لقب براهب بني هاشم, وكما هو حال الإئمة المعصومين "عليهم
السلام" جميعاً، فهو أحد منابع العلم والفقه وعرف عنه ذلك منذ نعومة أظفاره, وكرّس
حياته الشريفة في العبادة وقضاء حوائج الناس والدعوة الى الإصلاح وتفقيه الناس في
الدين ليحافظ على دين الله ورسالة جده ...
كان ككل المصلحين من آل محمد، كلمة الحق التي تصك مسامع المفسدين وتهدد عروش
الطغاة وجبروتهم, فأتخذ من الإيمان سلاحاً ونذر نفسه لله حتى لاقى ما لاقى من عذاب
في مطامير السجون، فجعل السجن مكاناً للعبادة وكان يقول في دعائه ((اللهم أني قد
طلبت منك أن تفرغني لعبادتك وقد فعلت فلك الحمد)) فقد قهر السجان وانتصر على
القيود, الى أن مضى شهيداً في سبيل الله, وبقي فكراً وألقاً و وهجاً لا ينطفئ, ذكره
ومنهجه باقٍ على مدى الدهر, أسطورة من أساطير آل محمد (عليهم أفضل الصلاة والسلام)
وشمس من شموس الحقيقة لا يختفي أثرها ولا ينطفئ وهجها, فقد هزمَ الطغاة ومحا ذكرهم
ومضوا تصطحبهم لعنات التاريخ.. أما موسى بن جعفر "عليه السلام" بقي ترنيمة من
ترانيم الخلود، تتجدد على لسان الدهر مهما طال الزمن وكلما ذكر الحق, وبقيت قبابه
شامخة تهوي إليها القلوب المحبة والعقول المتبعة لطريق الصواب، ولتكون قصة انتصاره
على الجلاد رمزاً لانتصار الإنسانية, وتجسيداً لإرادة الله في إعلاء كلمة الحق
ومعاني الفضيلة, السلام على موسى بن جعفر, يوم ولد ويوم استشهد, ويوم يبعث
حياً.
مقالات
للكاتب الباحثة مديحة الربيعي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق