السبت، 23 فبراير 2013

الإجرءات الأمنية التعسفية وأثرها على الأمن النفسي


رياض هاني بهار
العراقي مثقل بهموم يومية بسبب الاجراءات الامنية وهي البلاء الذي حلّ بهذا البلد، والواقع بين مطرقة الأمن وسندان الارهاب تمتصّ جهده وقوته وتعطل تفكيره فيعجز حتى عن التعبير عن وجعه، تبدأ رحلة العذاب اليومي من نقاط التفتيش لغاية قطع الشوارع لمرور( مسوؤل جديد) واجراءات احيانا (عفى عليها الزمن) مما ادى الى ان تتعطل الحياة وفي اليوم الواحد لن يتيح الوقت للعراقي سوى انجاز عمل واحد، اما اذا كانت لديه معاملة لانجازها فحدّث ولاحرج، تعود اسباب تعطيل وشل الحياة الى طبيعة الاجراءات الامنية المتبعة منذ عشر سنوات من قبل السلطة التنفيذية ولابد من ان نتعرف على مصدرها وطبيعتها القانونية ونتائجها واثارها النفسية على المواطن.
الاجراءات الأمنية هي الخطوات او التعليمات وتسمى احيانا التدابير التي تصدر من السلطة المختصة بقصد مواجهة ظروف غير عادية تقتضي إصدارها بقصد المحافظة على الأمن والنظام ، فمن البديهي أنه يشترط في الاجراءات الأمنية أن تصدر من السلطة المختصة وفي ضوء أحكام القانون ، وأن تفرغ في الشكل الذي يتطلبه القانون ، وأن يكون ثمة سبب أو أسباب تبرر إصدراها ، وأن تستهدف تحقيق المصلحة الوطنية، ولكون الاجراءات الأمنية تمس الحريات الشخصية للإفراد ، وكانت تلك الحريات من الدعائم التي تحرص عليها الدولة ولا تقيدها إلا الضرورة ، فان تنظيمها لا بد ان يكون بأداة تشريعية ، وعدم ترك ذلك إلى مطلق السلطة التنفيذية، ان كافة انواع الاجراءات الامنية التي تخص الفرد كالتفتيش اوالتي تخص حريات الاشخاص بالتنقل والاقامة لها إنعكاسات خطيرة على حريات الأفراد.
عموما ان التدابير الامنية المتبعة حاليا تتسم بالاتي
1ـ انها اجراءات تتقاطع مع الدستور والقوانيين النافذة ولاسند قانوني لها.
2ـ انها اجراءات عسكرية ثكناتية وليست اجراءات امنية وقائية، واصبحت المدن عبارة عن ثكنات عسكرية، وان الاجراءات المتبعة حاليا ممكن ان نطلق عليها (عسكرة الامن العراقي) (الامنوعسكراتي) الذي ابتعد عن الامن الحقيقي بسبب ادارة الامن من قبل قادة الجيش وابعاد قادة الامن الداخلي الحقيقيين عن ساحة عملهم الحقيقي (على سبيل المثال حراس مدرسة في احدى المدن اكثر من طاقم التدريس او طواقم حراسة بعض الدوائر غير المهمة اكثر من عدد الموظفين) وهناك الاف من الامثلة نشاهدها يوميا عند مراجعة الدوائر الحكومية وعسكرة اجراءاتها ابتداء من تفتيش الشخص.
3ـ شيخوخة التفكير الامني الحالي بوضعهم سياقات وآليات (واجراءات بالية) وبعقلية متخلفة لاتتوائم مع العصر واستنزفت الثروات والقدرات والجهد الوطني وشل الحركة الاقتصادية وكما هو واضح باجراءات نقاط التفتيش والذي يفرض قسرا فتح زجاج السيارة مثلا، التي تثبت للمواطن تفاهة الاجراءات وانتقاص من كرامته، وان اطلعنا على احصاءات المشاجرات بين افراد السيطرات والمواطن تخطت الاف الحوادث عبر السنوات الماضية بسبب تشنج الطرفين.
ثبت فشل تلك التدابير بالآتي:
1ـ طيلة السنوات السبع الماضية لم يقبض على ارهابي واحد متلبس بالجريمة في نقاط التفتيش (السيطرات) في حين استشهد من افرادها مئات من الافراد بالنقاط المذكورة.
2ـ استنزفت الاجراءات الامنية ثروات كبيرة من الميزانية اضافة الى استنزاف طاقة المكلفين بهذه الخدمة ولاتتناسب كلفة المصروفات مع حجم النتائج الواقعية التي تكاد لاتذكر.
3ـ عدم اتباعهم الاجراءات التقنية (تقنية الامن) كالكاميرات والماسح الضوئي بالتفتيش التقني وان تكون الاجراءات المتخدة وفق المعايير الدولية المتبعة بالعالم.
اما الاثار لتلك الاجراءات على الأمن النفسي الذي يشكل أحد الركائز الأساسية لكل أشكال الأمن وإن سقوطه يهدم كل أشكال الأمن وتتعطل كل مظاهر ومشاهد الحياة الإنسانية و الطبيعية والإيجابية وتصبح أثارها سلبية واضحة على تنمية المجتمع ليعطل التفكير الإيجابي لبناء الإنسان و يشكل مؤشرا خطيرا جداً وله تداعيات مأساوية وربما نحتاج من الوقت أجيالاً أخرى لإزالة هذه الاثار والتشوهات التي تعصف بالإنسان وتعطل مسيرته.
الخلاصة
ان الاسراف بالتدابير تخطى حدوده المعقولة واصبح هناك مطلب وطني وشعبي لتغييرها او الغائها واتباع آليات للامن تتفق مع متطلبات الحياة ،فقد آن الاوان لمراكز البحوث سواء مركز النهرين الجديد المرتبط بمجلس الامن الوطني الذي تقع ضمن مهامه ، والاستعانة بمركز البحوث والدراسات بوزارة الداخلية وبمساعدة المراكز البحثية الاخرى المعنية بالامن والاقتصاد، بدراسة جدوى الاجراءات الامنية المتبعة حاليا وبدائلها وتعرض على رئاسة مجلس الوزراء ومجلس الامن الوطني لاتخاذ اجراءات بديلة وتخليص العباد، لاسيما ان احد اسباب التظاهر ضد الحكومة هو (الاجراءات الامنية التعسفية واخواتها)، ان جزءا مهما من حل أي مشكلة هو الاعتراف بالخطأ، وعملية الاعتراف بالخطأ سهلة في حد ذاتها، ولكنها تحتاج لقرارعقلي، والقرار يحتاج لقناعة، والقناعة تحتاج لموقف تحليلي لما حدث، والموقف التحليلي يحتاج لمعلومات عقلية لتفسير هذا الحدث، كما يحتاج أحياناً للمساعدة من الآخرين لإدراك هذا الخطأ.
http://www.beladitoday.com/?iraq=الإجرءات-الأمنية-التعسفية-وأثرها-على-الأمن-النفسي&aa=news&id22=2932

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق