الإيمان، بالنسبة لمليارات الناس عبر أنحاء العالم، أساسٌ جوهريٌ للحياة. فالإيمان منبع للقوة في أوقات العسر ومصدر لشعور قوي بالانتماء الجماعي. والغالبية العظمى من المؤمنين يعيشون في وئام مع جيرانهم، أياً كانت عقيدتهم، ولكن كل دين يضم أقلية عالية الصوت، مستعدة لفرض مذاهب أصولية عبر التعصب والعنف المتطرف.
إن هذه الأعمال تمثل إهانة لتراث جميع الديانات الكبرى وتعاليمها، كما أنها تخالف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يؤكد حق الجميع في حرية الفكر والضمير والدين. ومن الضروري تمكين الأغلبية المعتدلة لكي تستطيع الوقوف بصرامة في وجه قوى التطرف. ولكن هذا الأمر لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال قيادة قوية.
وسيواصل تحالف الحضارات جهوده، خلال منتداه الذي سيُعقد في فيينا في الشهر المقبل، من أجل توحيد الأديان والثقافات. وتقع على عاتق الزعماء الدينيين والثقافيين، سواء على المسرح العالمي أو داخل مجتمعاتهم، مسؤولية الحديث بلغة التسامح والاحترام. وهذه رسالة أساسية لأسبوع الوئام العالمي بين الأديان.
ويتعين علينا أيضاً أن نوجه رسالة أمل إلى الشباب. فالشباب الذي كثيراً ما يتعرض للتهميش والبطالة ويواجه مستقبلاً مثيراً للقلق، يمكن أن يقع فريسة سهلة للمتعصبين الذين يوفرون له إحساساً بالدفاع عن قضية والانتماء إلى جماعة. وعلينا أن نكشف عن زيف هذا الإغواء وأن نوفر لهم بديلاً مقنعاً.
ولا يمكن تحقيق ذلك بالكلمات وحدها. فالشباب في حاجة إلى وظائف وإلى الشعور بأن لديه مصلحة حقيقية في بناء مستقبل يمكنه الإيمان به. وتنخرط الأمم المتحدة حالياً في تعريف جدول أعمال للتنمية المستدامة لما بعد العام 2015. ويتمثل هدفنا في استئصال الفقر المدقع قبل انقضاء حياتنا، وتعزيز الفرص الاقتصادية المنصفة للجميع، مع العمل في الوقت نفسه على حماية البيئة. ولهذا الغرض، نحتاج إلى مشاركة جميع الأطراف الفاعلة، بما في ذلك الشباب والأوساط الدينية.
إننا نعيش في زمن اضطرابات وتحوّلات اقتصادية وبيئية وسكانية وسياسية. وهذه التحوّلات تحمل في طياتها الأمل والقلق في آن واحد. وعلينا أن نكفل انتصار الأمل، وستكون مهمتنا أيسر إذا تعاون أتباع الأديان جميعها في سبيل قضية مشتركة. ودعونا لا ننسى أبداً أن ما يفرقنا ضئيل مقارنة بما يوحدنا. وفي وسعنا، عبر العمل معاً، أن نحقق أهدافنا في السلام والرخاء والرفاه المادي والروحي.
•الأمين العام للأمم المتحدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق