السبت، 3 مارس 2012

الاتحاد الأوروبي يقر القواعد الذهبية لتجنب الوقوع في أزمة جديدة

وقّعت 25 دولة من الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي معاهدة مالية جديدة لضبط الموازنة الخاصة بكل دولة. وتنص المعاهدة على خفض الديون وفقاً للنموذج الألماني الذي تم مراجعته من قبل المحكمة الأوروبية. وسيسمح فقط لدول مجموعة اليورو التي وقعت على المعاهدة بالحصول مستقبلاً على مساعدات من صندوق الاستقرار الأوروبي الدائم (إي.إم.إس). وقد رفضت بريطانيا والتشيك التوقيع على المعاهدة ويتعين على كل دولة وقعت على المعاهدة أن تصدق عليها بشكل منفرد لاحقاً. وتعتزم أيرلندا إجراء استفتاء شعبي قبل المصادقة على المعاهدة. ومن المقرر أن تدخل المعاهدة حيز التنفيذ بحلول 2013. وتهدف المعاهدة إلى التصدي لأزمة الديون الحالية والحيلولة دون تكرارها مستقبلاً، وتراكمها كما هو الحال مع اليونان ووصفت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل المعاهدة بأنها "حجر زاوية في تاريخ الاتحاد الأوروبي". بدوره، قال رئيس قمة الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي: "ستعيد المعاهدة اليورو إلى الاستقرار". ووفقاً لنص المعاهدة، تلتزم كل دولة بوضع حد لديونها، والاستعداد لعقوبات صارمة في حال مخالفة المعاهدة. تدرس المحكمة الأوروبية العليا ما إذا كان يتعين على كل دولة وقعت على المعاهدة وضع حد لديونها في دستورها الخاص وتنص هذه المعاهدة على "قواعد ذهبية" تفرض توازن الحسابات العامة إضافة إلى عقوبات تفرض بصورة تلقائية أكبر ضد الدول التي تتساهل حيال تخطي عجزها السنوي العام حدود الـ3% من إجمالي الناتج المحلي. لكن وحتى قبل دخول هذه المعاهدة حيز التطبيق، فإن الظروف الاقتصادية التي تزداد تدهوراً والانكماش في "منطقة اليورو"، تثير الشكوك حيال قوة الموازنة التي تعتزم المعاهدة فرضها. وقد وجدت عدة دول نفسها مرغمة على مواجهة تجاوز مالياتها العامة حدود التوازن المطلوب وأعلن وزير المالية الإسباني لويز دو جيندوس أن مدريد "ستحترم كل تعهداتها في مجال تصحيح الموازنة، لكن الظروف تغيرت"، مضيفاً أن "الوضع الاقتصادي مختلف جداً عما كان عليه العام الماضي". لكن المفاجأة الحقيقية أتت من هولندا، التي كانت سباقة في انتقاد التساهل المالي لشركائها، والتي تجد نفسها الآن مع ذلك ملزمة بدورها القيام بتوفير مالي إضافي بسبب تدهور كبير في الأوضاع الاقتصادية فاق ما كان متوقعاً. ودعت المفوضية الأوروبية بحزم الحكومة الليبرالية برئاسة مارك روت إلى احترام تعهدها في هذا المجال بعد قيام المكتب المركزي للتخطيط في هولندا بنشر توقعات اقتصادية تدل على التراجع اثر إعادة النظر فيها. وبات المكتب يتوقع أن يبلغ العجز نسبة 4,5% من إجمالي الناتج الداخلي هذه السنة، وخصوصاً أن يتجاوز العام الماضي أيضاً الحدود الأوروبية المحددة بنسبة 3%، وكذلك في 2014 (4,1%) وفي 2013 (3,3%). واعلن متحدث باسم المفوضية أن "هولندا دولة أسمعت صوتها كثيراً عندما كان الأمر يتعلق بتعزيز قواعدنا لمراقبة الموازنات" في "منطقة اليورو".
و"من الطبيعي التفكير بالتالي أنها ستطبق المقاربة نفسها في سياستها الخاصة وإضافة إلى إسبانيا وهولندا، قد تواجه دول أخرى قريباً صعوبات في جعل مالياتها العامة تسلك الطريق المستقيم في الوقت المحدد، مع إمكانية أن تذكرها بروكسل بالعودة إلى النظام. وهذه هي حالة فرنسا.
وقد رأى ديوان المحاسبة بالفعل في بداية فبراير أن الهدف المتمثل في جعل العجز عند 4,5% هذه السنة سيكون "صعب المنال" وان العودة إلى 3% خلال 2013 ستكون "أكثر صعوبة أيضاً". وإذا كان لا بد من تليين القواعد ولو بشكل طفيف لهولندا وإسبانيا، فان ذلك قد يؤدي إلى نتائج غير محسوبة ويمكن حتى أن يثير غضب دول مثل بلجيكا وجدت نفسها مرغمة على وضع موازنات تصحيحية في ظروف مؤلمة جداً. ما يؤدي إلى إضعاف المعاهدة.
ولفت دبلوماسي أوروبي قائلاً "تخيلوا أن إسبانيا تمكنت من تحقيق ما تريد: فإن ذلك سيضر بصدقية تطبيق (المعاهدة) بالكامل. من جانبه قال الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي : إن الاتحاد الأوروبي نجح أخيراً في الخروج من أزمة الديون التي ضربت منطقة العملة الأوروبية الموحدة على مدى عامين. وأضاف "ولكن.. هل هناك خطر عودتها مرة أخرى؟ بالطبع هذا هو السؤال الذي أسأله لنفسي". وقال ساركوزي للصحفيين: "اعتقد أننا طوينا الصفحة.. نحن الآن في منتصف طريق الخروج من هذه الأزمة". في الوقت نفسه رفض الرئيس الفرنسي أن يصبح هذا الشعور بالارتياح سبباً لتخفيف الضغوط على الدول الأعضاء من أجل ضبط ميزانياتها. وقال ساركوزي "اعتقد أنه يمكنني القول إننا جميعاً تضررنا بما يكفي من الأزمة المالية بالدرجة التي تجعلنا لا نريد أن نجد أنفسنا وقد عدنا إلى مثل هذا الموقف مجدداً".

متابعة بلادي اليوم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق