الثلاثاء، 5 فبراير 2013

سقف المطالب


عباس النوري
التظاهرات والاعتصامات ظاهرة صحية وضرورية لاستدامة الديمقراطية، وبل تصحيح مسارها، الجمهور له القدرة على التغيير، وهذا التغيير دوما إيجابي، فمن غير المنطقي أن نفرض بأن جمع كبير من أبناء الشعب العراقي يطالب بمطالب سلبية على سبيل المثال إلغاء الديمقراطية - إلغاء الدستور أو تغيير بنود مهمة في الدستور دون استفتاء شعبي، ولا وفق البنود التي حددت كيفية تغيير الدستور أو اجراء التعديل عليه، كذلك من غير المنطقي أن يطالب جمع كبير من الجمهور بمطالب موجهة مثلا لرئيس الحكومة والأخير ليس من صلاحيته تلبية تلك المطالب وإن كانت مشروعة، الطلبات ومن خلال الهتافات التي سمعناها من خلال وسائل الاعلام منها تخص البرلمان وقسم آخر يخص القضاء وهناك ما يخص الحكومة، والحكومة مشكلة وفق التوافق الوطني من جميع الاطراف المشاركة في العملية السياسية. تصورت في الوهلة الأولى من مطالب المتظاهرين انهم يريدون خلق دكتاتور من رئيس الحكومة حين يطالبونه بتلبية جميع مطالبهم، وكأن رئيس الوزراء بيده البرلمان والقضاء والسلطة التنفيذية!، بعبارة أخرى أن اعضاء البرلمان لا حوله لهم ولا قوة، بالعراقي (لا نفع ولا دفع) والأمثال تضرب ولا تقاس، فبين البرلمانيين شخصيات محترمة وطنية تعمل دون أي مصالح حزبية ولا قومية ولا مذهبية نكن لهم جل الاحترام، وبين البرلمانيين من لا حول له ولا قوة، فهو مجرد رقم يتلاعب بهم رؤساء القوائم والكتل، مطالبة رئيس الوزراء بكل شيء وإن لم تكت من صلاحيته يدعوا لطرح أمرين - أو يشير لأمرين: 1 - أن الجمهور ما زال يتعامل مع قائد الضرورة، فهناك من لا يرد تعلم أبسك مبادئ الديمقراطية، 2 - أو أن هناك من يدفع الجمع للمطالبة المباشرة وتحمل رئيس الوزراء جميع ما يشكو منه المواطن، وهذه تكون إشارة لرئيس الوزراء كن دكتاتورا وأفعل ما نريد!
نحن مع أي تظاهرة سلمية تطالب بالحقوق، لأن الحقوق لا تعطى بل تكتسب، وقد ثقفنا على هذا المبدأ العديد من قيادات المنظمات المدنية منذ أوائل التغيير عام 2003، وندعم التظاهرات النابعة من صميم الشعب العراقي دون أي تدخل من سياسيين يريدون استغلال الناس وأصواتهم، فجميع السياسيين شركاء في كل ما جرى ويجري على الشعب العراقي، وان صوت ضد هذا القانون أو كان معه، فالعرف الديمقراطي يقول وأن كنت ضد المشروع، ولكن حين يصوت الأغلبية فانت جزء من المشروع، لهذا يقال الديمقراطية دكتاتورية الأغلبية ، التظاهرات التي تحولت الى اعتصامات ولأول مرة في تاريخ العراق القديم والحديث كأطول تظاهرة واعتصام بهذا الكم الكبير من الجماهير ولهذه المدة الطويلة والاصرار لتحقيق المطالب المشروعة، لكن حين يرتفع سقف المطاليب لإسقاط الحكومة وإلغاء الدستور وما إلى ذلك من أجندات معلومة طبقا لمبدأ سحب الثقة التي فشلت من قبل ستة أشهر، وأجندات خارجية مدفوعة الثمن من ورائها الصهيونية المتمثلة بقطر والسعودية وتركيا، وبأيدي وأفواه سياسيين فاشلين أحترقت أوراقهم فيتبع مثل (عليه وعلى أعدائي). لا يمكن لأحد أن ينكر بان هناك مظالم في السجون، ولا يمكن لأحد أن ينكر بان هناك تعذيب واساليب مرفوضة إنسانياً وقانونياً وأول من يرفضها الدستور العراقي، ولا يحفى على أحد بان الرشوة في اوجها في المعتقلات والسجون وفي كل مرافق المؤسسات ولا ينزه منها إلا ما ندر ، هل الحل بحل البرلمان أم اسقاط الحكومة أم في انتخابات مبكرة؟، لابد العمل وفق الدستور ولا أتصور بان أي من تلكم يعتبر حلا، أما أذا ارادوا تخدير وتهدأة الوضع فقط وليس الاصلاح الحقيقي والجذري فأن اللجان التي شكلت سوف تصل لنتائج ترضي العديد من الأطراف وليس الجمهور المنتفض، ولا يمكن أن نصل لحل إلغاء مادتين يراها أغلب العراقيين انتقاضا لحقوقهم وأن جرى تعديل لهذا المادتين بطريقة وشكل يعطي الحق للظالم وينتقض من حق المظلوم فان انتفاضة جماهيرية تخرج في المحافظات الجنوبية والفرات الأوسط، وقد بدأت بوادر هذا التظاهرات تظهر بشكل متقطع في البصرة والناصرية وغيرها، الحكومة سوف تلبي العديد من المطالب التي تقع ضمن صلاحيتها، ولكن سوف لا يرضي المتظاهرين، ولكن تحصل بعض الاطراف على مكتسبات يدفعهم لتهدئة الوضع، لكنني ارى الحل في الانتخابات القادمة وأن لا يصوت الناخب إلا للكتل والقوائم التي تنوي تشكيل حكومة اغلبية برلمانية (سياسية )، لذلك سوف نرى تكتلات شيعية سنية كردية عربية وبمعنى آخر تكتل وطني مختلط من أغلب الأطراف أن لم نقل جميعها، وهذا هو الحل المستقبلي، وعندها تلغى المحاصصة والتوافق والشراكة الوطنية.
http://www.beladitoday.com/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق