الخميس، 22 مارس 2012

قمــــة بغـــــداد.. مشــــروع التكامــــل الاقتصــــادي

تضيّف بغداد في 29 من الشهر الحالي، القمة العربية الـ23، حيث استكملت التحضيرات لإنجاح هذه القمة في ظل التطورات الاقتصادية والسياسية الدولية الخطيرة التي يمر بها العالم خصوصاً عالمنا العربي.أهمية عقد القمة تأتي في هذه المرحلة انطلاقاً من موجة الثورات والاحتجاجات التي اجتاحت مختلف أنحاء الوطن العربي. وعلى الرغم من أهمية الأسباب السياسية لتلك الثورات والاحتجاجات، إلا أن العوامل الاقتصادية كانت القاسم المشترك فيها جميعاً. فالأداء الاقتصادي للدول العربية جعل معظمها يأتي في أسفل ترتيب دول العالم في مؤشرات التنافسية وسهولة أداء الأعمال، وبالتالي فإن الشعوب العربية ثارت ضد الفقر والبطالة والأمية وانخفاض معدل النمو وسوء توزيع الموارد والفساد، ما يجعل عقد القمة في هذا الظرف أمراً مهماً للتكامل الاقتصادي العربي وضرورته للأمن القومي.يتضمن الملف الاقتصادي الذي سيعرض على قمة بغداد عدداً من البنود، منها متابعة تنفيذ قرارات قمتي الكويت وشرم الشيخ الاقتصاديتين، والقمم العربية الأخرى، والإعداد للقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الثالثة في السعودية عام 2013 والتي تشمل من بين مواضيعها الاستثمار في المنطقة العربية، فضلا عن المواضيع المهمة التي ستبحثها القمة وهي الاتحاد الكمركي العربي وتطورات منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى والربط الكهربائي العربي، الأمن الغذائي، الأمن المائي، السياحة، الطاقة وكذلك المنتديات العربية الدولية. وربما لا تُتاح لمجموعة من دول العالم مقومات التكامل بمقدار ما تتوافر للدول العربية، لكن في وقت تسعى دول العالم إلى الانتماء لكيانات كبرى في عصر العولمة، لا تزال الدول العربية تواجه العالم الخارجي وتحديات المنطقة.
ان التكامل الاقتصادي العربي يتحقق من خلال مجموعة متكاملة من المداخل بالإضافة إلى ربط شبكات الإنترنت العربية، مع ضمان حرية انتقال الأشخاص ورؤوس الأموال بين الدول العربية. ويُلاحظ أن الدول العربية اهتمت بالمدخل الإنتاجي لتحقيق التكامل طوال العقود الأربعة السابقة، وعملت على استقطاب رؤوس الأموال من خلال تأمين مناخ استثماري ملائم، واهتمت في هذا الشأن بإصدار التشريعات الملائمة لذلك، وضمان الاستثمارات العربية ضد الأخطار السياسية والتجارية، وعلى الرغم من أهمية الاستثمارات العربية في الداخل في تحقيق المدخل الإنتاجي للتكامل الاقتصادي العربي، فإنها لا تزال محدودة نسبياً، مقارنة بالاستثمارات العربية خارج المنطقة، إذ بلغت التدفقات الاستثمارية المباشرة العربية البينية 20 مليار دولار عام 2008، وانخفضت عام 2009 إلى 19.2 مليار دولار. وتواجه الاستثمارات العربية معوقات كثيرة تعترض تنفيذها وتشغيلها ما يؤدي إلى تعثر بعضها وتوقفه, ومن أهم هذه المعوقات، عدم استقرار التشريعات التنظيمية للاستثمار في بعض الدول العربية، وتدهور قيمة العملة المحلية فيها، وتعدد الأجهزة المشرفة على الاستثمار، وتعقيد الإجراءات المتعلقة بالترخيص للاستثمار، فضلا عن معوقات تتمثل بعدم الاستقرار السياسي، والاضطرابات الأمنية في بعض الدول العربية. هذا أدى إلى عدم تحقيق مدخل مهم من مداخل التكامل الاقتصادي العربي، وهو المدخل الإنتاجي. واهتمت الدول العربية بالمدخل التبادلي (التجاري)، لكن برغم الإعفاء الكامل من الرسوم الكمركية للسلع العربية المنشأ منذ عام 2005، لم تتمكن منطقة التــــجارة الحرة العربية الكبرى من تعميق الأداء التكاملي لها. ويُعزى ذلك في جزء منه إلى بنود التكامل غير المؤمّنة. وعلى الرغم من الانتهاء من عدد كبير من القواعد وإقرار نموذج شهادة المنشأ الجديد والانتهاء من صوغ الأحكام العامة للقواعد، مازالت المفاوضات بين الدول الأعضاء مستمرة في شأن صوغ قواعد منشأ تفصيلية لبقية السلع التي لم تكتمل قواعدها بعد، فمنذ دخول منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى عام 1998 حيّز التنفيذ، لم يحسم موضوع معاملة منتجات المناطق الحرة في إطار المنطقة، وذلك لعدم وجود قواعد عربية للمنشأ واضحة للمنتجات العربية المتبادلة عند منح الخفض الكمركي. وعلى الرغم من أن جهوداً عربية جماعية وجادة تمضي نحو تحقيق التنمية الشاملة في المنطقة العربية، إلا أن الفكر السائد لا يزال يتمركز حول التنمية الوطنية من دون ربطها بالمستوى العربي لتحقيق التكامل الاقتصادي. وفي ما يتعلق بالأمن المائي العربي، أجمعت الدراسات التي أجرتها المنظمات العربية والإقليمية والدولية المختصة، على أن المنطقة العربية ستواجه عجزاً مائياً كبيراً في المستقبل، إذ بدأت تداعياته ومؤشراته في الظهور، كما في مشكلة نهري دجلة والفرات، مياه نهر النيل ومشكلات المياه بين الدول العربية، إن هذه المواضيع الاقتصادية المهمة المعروضة على القمة، تتطلب من الدول العربية المشاركة الفعالة في قمة بغداد، لأن ما تواجهه من تحديات يتجاوز قدرة أية دولة عربية منفردة، ولأن إضعاف مشروع التكامل الاقتصادي بينها يؤدي إلى انهيار الأمن القومي العربي.
متابعة - أياد محمود هادي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق