الثلاثاء، 12 مارس 2013

«حماس».. غير «الإرهابية»!


تطرح التصريحات المثيرة التي أدلى بها أحمد يوسف، القيادي في حركة المقاومة الإسلامية - حماس، الكثير من الأسئلة الكبيرة، المحمولة على مخاوف من احتمال حدوث صفقات سريّة بين أطراف إقليمية ودولية كانت في الأساس نتاج «التسوية» التي انضجتها الوساطة المصرية بين حماس وإسرائيل خلال عدوان «عامود السحاب»، الذي استمر لثمانية أيام فقط، على نحو اثارت فيه مواقف خالد مشعل وتصريحاته (وقتذاك) عن المصالحة ودعم ذهاب سلطة رام الله (على ما يصفها مسؤولو حماس) إلى الأمم المتحدة لنيل مكانة الدولة غير العضو وإقامة الدولة في حدود العام 1967، المزيد من الشكوك حول أسباب هذه «المرونة» اللافتة وخاصة انها جاءت بعد مواجهة قالت حماس إنها انتهت إلى «انتصار» على إسرائيل، وخصوصاً بعد ان نجحت المقاومة في ضرب تل أبيب وضواحي القدس بالصواريخ لأول مرة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي (بشكل ثنائي)..
ما قاله مسؤول حماس عن «قرب» رفع اسم حماس عن قائمة الإرهاب ينبئ بأن ثمة وراء الأكمه، مساعي حثيثة لنقل حماس الى مربع العمل السياسي «وحده» بعيداً بل تخلياً مصحوباً بتعهدات وضمانات عن السلاح، الذي لا يضير إسرائيل لو بقي في أيدي منتسبي حماس للاستعراض او لضبط الحدود او للجم المعارضة، ما يعني وضع الشعب الفلسطيني امام استمرار حال الارتهان للثنائي الممسك بقضيته ومستقبله، اذ انحصر حتى الآن بين اتهامات حماس لفتح (والسلطة بالتالي) بأنها تُفرّط في الحقوق وتُنسّق امنياً مع إسرائيل وتعتقل «مجاهدي» حماس ولا تتورع عن تعذيبهم وتسليمهم وأسلحتهم لقوات العدو، السلطة من جهتها لا تتوقف عن اتهام حماس بأنها جزء من محور إقليمي وانها «تتاجر» بدماء الفلسطينيين وان صواريخها عبثية ويدفع ثمن تحرشها بإسرائيل، شعب غزة الذي لا يجد من يحميه بعد ان «يهرب» مقاتلو حماس وقادتها..
سيخرج «السلاح» ومصطلح المقاومة المسلحة من التداول والسجالات الحمساوية الفتحاوية، وسيبدأ فصل جديد من الجدل حول المقاومة الشعبية (غير العنفية كما يجب التذكير) وهنا لن يختلف «الطرفان» حول المصطلح الجديد اللهم الا في كيفية استثماره لدعم وصول احدهما (او بقاء الآخر) في السلطة، ما يعني ان حماس التي احتفلت في شكل صاخب اقرب الى الافتعال والمبالغة بمناسبة ذكرى مرور «ربع قرن» على انشائها، قد انخرطت في المشروع التسووي الذي ترعاه دول اقليمية لم يتردد احمد يوسف في تسميتها والقول انها (تلك الدول العربية مع تركيا) تُجري اتصالات لـ (اقناع) الدول الكبرى (اقرأ اميركا) والاوروبية برفع اسم حماس عن قائمة الارهاب.
ولأن المريب يكاد يقول خذوني، فان ما ذهب اليه القيادي في حماس، ليس زلة لسان بل يأتي في السياق ذاته الذي «حكم» مسار الاحداث في المنطقة منذ ان اختطفت تيارات الاسلام السياسي وخصوصاً جماعة الاخوان المسلمين الثورات الشعبية وتواصل مساعيها للتمكّن من السلطة وإحكام قبضتها عليها، مديرة ظهرها في ازدراء لقواعد اللعبة الديمقراطية التي اوصلتها الى الحكم وها هي تتنكر لها ولتضحيات الشهداء.
.. ليس من المعقول ان تدعم الدول الغربية الانظمة الاسلامية في تونس ومصر وتواصل مقاطعة حماس التي خرجت من «رحم» هذه التيارات السياسية وتبقيها على قائمة الارهاب.. هذا خطأ في المعادلة الدولية، قال احمد يوسف.. بكل وضوح وصراحة.
فهل ثمة غموض او التباس في النهج «الجديد» الذي تسير عليه حماس وخاصة ان مصر الاخوانية تعهدت لاميركا وطمأنت اسرائيل، بأنها لا ترى الاخيرة «عدواً»، اما تونس «النهضة» فهي لا ترى في التطبيع مع اسرائيل جريمة وتقول ان لا شأن لها بالصراع..
«الخطأ» الذي رآه احمد يوسف في المعادلة الدولية، سيتم تصحيحه وسترضخ حماس لشروط «الرباعية الدولية»، وتدخل في «السيستم» الاقليمي، رغم ان «عمرها» لم يتجاوز ربع القرن الا انها «كوّعت» مبكراً فيما فتح رفعت الراية البيضاء بعد «28» عـامـاً بالتوقيع على اوسلو، إضافة إلى ما حفل به مسارها من مناورات وتراجعات وهمبكات وتخبط، بدءاً من برنامج النقاط العشر (1974) وليس انتهاء بالتحكم في مسار ومصير الانتفاضة الاولى.. أليس هذا لافتاً؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق