الثلاثاء، 9 أبريل 2013

الدولة المدنية في البحرين وخلاص سوريا


لعبة السياسة وترتيباتها القائمة على أساس الفكر الرأسمالي والفعل السياسي البراغماتي الذي لا يؤمن بالمبدأ بل بالمصلحة، هي اللعبة التي تحرك الدمى الصغيرة في الصراعات السياسية بين الكبار وفق أولوياتها التي تعتمد على مصالحها الاقتصادية والأمن القومي، اللذين بدورهما يعتبران العمود المقوم لاستقرارها الداخلي في دولها من جهة ولهيمنتها على مناطق الثروة من جهة أخرى، والأخيرة تؤمن لها انتعاشا ماليا يدعم عملية استقرارها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ويدفع مسيرة التقدم لديها.
بريطانيا دفعت مبالغ ليست بقليلة لدعم الحكومة البحرينية، وما جاء على لسان السفير البريطاني في البحرين الذي وصف في مقابلة له مع صحيفة جلف ديلي نيوز، بعض المتظاهرين بـ"الإرهابيين"، مدعيا أنهم يتلقون تعليمات من إيران، وهاجم السفير التقرير الأخير عن البحرين والصادر من قبل منظمة هيومن رايتس ووتش واصفا إياه بأنه "غير مفيد للغاية". بالإضافة إلى ذلك، أشار السفير في هذه المقابلة إلى أن "الشركات البريطانية ينبغي أن تكون قادرة على الاستحواذ على ما لا يقل عن مليون باوند من مشاريع الأعمال في البحرين".
إضافة لزيارة وزير الدفاع البريطاني للتنسيق الأمني بين البلدين على خلاف مواقفها من الملف السوري الداعم للمعارضة المسلحة في سوريا والمناهض للنظام السوري.
وأمريكا إلى الآن لم تتخذ موقفا حازما لدعم مسيرة التحول الديموقراطي في البحرين كما هي تفعل اليوم في الملف السوري، رغم أن كلا الطرفين يعتبران من المتصدرين في تبني مواضيع حقوق الإنسان والحريات والتحول الديموقراطي في المنطقة.
المشهد السياسي اليوم في البحرين وتطوراته يعتمد واقعا على إيقاع الملف السوري ومدى التفاهمات السياسية التي سيخلص منها اجتماع أوباما وبوتين خلال انعقاد قمة ايرلندا الشمالية للثماني الكبار في نهاية يونيو/حزيران.
والذي بدا جليا أن التصعيدات الأخيرة بين كوريا الشمالية وأمريكا هي أحد مفاصل الماراثون بين المتفاوضين الأساسيين: أمريكا وروسيا في تحقيق أكبر قدر من التنازلات لإنهاء الملف السوري وكل طرف وفق مصالحه وتفاهماته مع حلفائه، وأي ترجيح لصالح محور الممانعة سيصب عاجلا أم آجلا في صالح الحراك البحريني، لأن موازين القوى ستميل كفتها لهذا المحور مما يدعم موقفه السياسي في المنطقة ويعزز من نفوذه وقوته وبالتالي يجعل قراراته أكثر تأثيرا ومحورية.
وما سيمليه هذا الموقف على أمريكا وبريطانيا سينعكس على قرارات الدمى التي يحركونها، ومن ضمنها النظام البحريني، لذلك بدأنا نلحظ لهجة أمريكية مختلفة وفق بعض التسريبات حول تهديدها النظام البحريني بإغلاق القاعدة العسكرية في البحرين لأسباب عدة ليس محلها هنا، لكن كلها تشير للضغط من أجل الخروج بحل في البحرين، وعلها تكون حركة احترازية تمهد الطريق لحل مستقبلي لأزمة البحرين وفق احتمالات أمريكية بعدم قدرتها كسر محور الممانعة على أقل في الفترة الحالية .
ولا ندعي بذلك عدم تأثير الحراك البحريني المستمر والضاغط على مسار التفكير والتكتيك السياسي داخل البحرين، بل هذه الاستمرارية وهذا الصمود لعبا دورا محوريا في إثارة القلق لدى دول الجوار من انتقال عدوى الحراك إليها، خاصة إلى المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية الغنية بالنفط ومحور الاقتصاد في المملكة وأمريكا هذا من جهة، ومن جهة أخرى استمرار الحراك والصمود فرض نفسه كأحد الأوراق الضاغطة في الموازنات السياسية للتحول الديموقراطي في الخليج في الحوار القادم بين أوباما وبوتين ووضع الملف البحريني في سلة واحدة مع الملف السوري ليكون ضمن سلة الحلول التي يجب أن تحسم لاستقرار المنطقة ومنع انزلاقها في أتون حروب مذهبية، ستكون روسيا المتضرر الأكبر منها، وليست بمنأى عنها كون جغرافيتها تحوي مناطق ذات أغلبية مسلمة وفي كثير منها يسيطر عليها متشددون من دعاة الجهاد التكفيري .
فهل واقعا تنتظر الأزمة في البحرين انفراجات الملف السوري بين الدول صاحبة القرار؟ أم أن البحرين بعيدة عن أي تسويات في الملف السوري والمنطقة ؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة.
كاتبة كويتية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق