الأحد، 28 يوليو 2013

طه البستاني: قلة معارض الخط والزخرفة بسبب عدم الاهتمام و التشجيع

اكد الخطاط العراقي طه البستاني ان اكثر ما يلاحظه في مجال الخط العربي هو عدم الاهتمام به من قبل الدولة لذلك تكون معارضه قليلة، مشيرا الى ان خطاط اللوحة اللوحية يحتاج الى الدعم والتشجيع، وأوضح انه لم يمارس التجارة في عمله بل انه يبتكر اللوحات الخطية الفنية التي تلفت الانتباه، مشيرا الى انه رسم الالاف من هذه اللوحات التي تنتشر في العديد من دول العالم سواء في المتاحف او البيوت او المؤسسات، وقال الفنان البستاني في حوار مع (ايلاف) انه يعتبر نفسه ما زال في اول الطريق وما زالت هنالك اشياء كثيرة يسعى الى تحقيقها.
من اين بدأت مع الخط العربي؟
- منذ الطفولة وعشقته وكان اكثر ما يغريني فيه جمال الخطوط لاسيما الخطاط الراحل هاشم الخطاط الذي تعلمت من كراسته، فبدأت اقلد ولكن فيما بعد انتميت الى معهد الفنون الجميلة في السبعينيات ودرست اولا في البداية خارج المعهد على يد الاستاذ صلاح شيرزاد، وثاني استاذ هو صادق الدوري في المعهد، تخرجت في عام 1979، وكان الاستاذ سلمان هو اكثر من اثر بي فنيا وثقافيا، لان كل التقنيات والاسرار اعطانا اياها، فالخطاط يحتاج المواظبة وهي من الضروريات له، فنحن اجتهدنا، ومن ثم تحولت الى الزخرفة، والحمد لله قدرت ان اصل بحكم تكلمي اللغة التركية
متى شعرت انك خطاط محترف؟
- الاحتراف.. بدأ بعد السنوات الخمس الاولى التي اعتبرها فترة تدريب، وجعلتنا نضع اقدامنا على الطريق الصحيح، ومن بعدها بدأت ابحث وادرس الدراسات الصحيحة، درست ما في المساجد وما في المصاحف فقدرت ان احلل والحمد لله وصلنا الى ما يرضي الناس، بمعنى ان الناس التي لديها ذوق ترضى عن اعمالنا وتبدي اعجابها بها،ولا اقول هناك كمال لان الكمال لله وحده، وهناك قول للامام علي (ع) يقول: (ما زال الرجل عالما ما طلب العلم، فإن ظن انه علم فقد جهل)، فلا احد يقول انه وصل.
هل قلدت احدا من الخطاطين الكبار؟
- في البداية لابد من التقليد ولكن فيما بعد لا، كله شغل خاص لي واستقر هذا من الثمانينيات، فكله من ابتكاري وشغلي الخاص وتصيمي الخاص والحمد لله، وانا اعمل على جميع انواع الخطوط.
اي الخطوط اصعب؟
- الثلث هو اصعب الخطوط ولكنه لا يستخدم في كل مكان، فكل خط له واقع معين، فمثلا خط النسخ لكتابة المصاحف لانه واضح بالقراءة ويتحمل المد والضغط والتطوير وهو يعتمد على الخطف والرسم، حتى تكون الحركة سريعة، فعندما ندرس المصاحف القديمة التي كتبت مثلا الحافظ عثمان كتب عددا لا بأس به من المصاحف فعندما نأتي لنؤرخها حسب القدم نشاهد ان الفرق يتطور، والخطاطون الاتراك حين كانوا يكتبون المصحف كانوا يلغون الثلث الاول ويبدأون من الثلث الثاني فيثبتونه ثم يرد لاعادة الاول لان يده تغيرت وصار لديه اكتساب، وهناك اسرار كثيرة، والثلث للمساجد واللوحات الفنية ويمكن تطعيمه بالنسخ، فمثلا كتابة الحلي واللوحات الجامعة نجمع فيها كل الخطوط فهناك حسابات دقيقة، اما الكوفي فيمتد الى 72 نوعا، والحمد انا استطعت ان اثبت لي بصمة بالخط الكوفي بتصاميم جديدة ونصوص مميزة.
ما الذي يميز خطوطك عن خطوط الاخرين؟
- هنا التميز حسب التقنية والرؤية الفنية، هو ليس حرف وتثبته في مكان، بل كيف تحرك هذا الحرف وتجعل الانسان الناظر اليه يشعر ان اللوحة تتحرك امامه، فلا بد ان يجعل الخطاط فيها حركة، وتحدث فيها اي ان تعطي موضوعا، فهي ليست عبارة وتكتبها، هذا غير صحيح لان الخط متهم بأنه فن حرفي لا يصلح الا للافتة والعنوان ولكن حينما تحوله الى شغلة فنية يكون شيئا اخر لافتا للانظار.
متى يموت الحرف ومتى يحيا؟
- عندنا في التراكيب الخطية هناك مسألة دقيقة، مثلا حينما تكتب تركيب دائري او بيضوي هناك ثلاث طرق لتصميم هذا الخط، تبدأ من الاسفل الى الاعلى، او من اليمين الى اليسار او من الاعلى للاسفل، هنا المسافات (الفراغات) بين الحروف لابد ان تحسب، اما اذا اشتبكت الحروف مع بعضها وتصير منطقة مربكة فهنا يكون الخط قد مات، الحرف ان لم يأخذ نسبته الصحيحة، انت كخطاط مسموح لك ان تضغط وتمد ولكن بحدود، فإن ضغطت زيادة فالحرف مات، وان مددت زيادة فالحرف يموت ايضا، فمن هذا الباب نأخذها نحن.
ما اصعب الحروف بالنسبة وتتجنب العمل فيها؟
- ليس هنالك اصعب واسهل بل هناك تهيؤ نفسي، هذا الحرف ولا بد ان تكون جريئا في الكتابة، بلا خوف طبعا، اي ان ترفع الخوف منك، فتتحدى، تأتي مستعدا وتقول هذا الحرف ليس صعبا علي واكتبه واكتب غيره، فلا بد للخطاط ان يضبط الخطوط كلها، فعندما تضع الحرف في موضعه هنا تكمن الدقة،مثلا في التراكيب الخطية مطلوب منك سهولة القراءة وتسلسل العبارة، اما حرف ذهب بعيدا او صاعدا الى فوق او نازلا الى تحت، فلا يهم، فالتراكيب دراسة كاملة وهي تشبه المخاض، وكي تظهر سمفونية فلا بد لك ان تكون ملما بها كلها.
كم من الوقت يستغرق خط لوحة واحدة؟
- هنا يتحكم المزاج، هناك لوحة عندي تكتمل في ثلاثة ايام وهناك لوحة تكتمل بثلاثة اشهر، المزاج هو السبب، فعندما تسلطن تصل الى التصوف، نحن عملنا تصوف، والتصوف هو صفاء النفس في لحظة التجلي، اما اذا اكتب العبارة مثلما اكتب اعلانا او لافتة فهذه ليست لها علاقة بالمزاج او فن الخط، فأنا لم اعمل عملا تجاريا وبقيت منذ بدايتي الى حد الان كل اعمالي فنية وهي مقتناة في بيوت وامكنة راقية وفي دول كثيرة، والحمد لله استطعت ان اعطي شيئا.
كيف ترى واقع فن الخط والزخرفة في العراق؟
- لا توجد اهتمامات به، فالشاب الذي يريد ان يتعلم يحتاج الى من يقوده ويدعمه، فالخط يحتاج الى تمرين مستمر من اجل ان يكون مضبوطا، مقابل هذا فالشاب يحتاج الى عمل يحقق منه معيشته، اذن.. هو لا يستطيع ان يحقق حلمه مع الخط، اما في الوقت البسيط لا يمكنه ان يحقق شيئا الا اذا تفرغ 100%.
كيف ترى مستقبل الخط في العراق؟
- هناك طاقات جيدة تسير على الطريق الصحيح، ولكن لا يوجد اي اهتمام من الدولة، حتى المعاهد والكليات اصبحت الان لا شيء، صحيح انهما يخرجان الطالب ولكن لا يدريان ما دراسته، وهذا واقعنا السيء، انا يأتيني شباب كثيرون، هناك طلاب في المرحلة الثالثة وحينما اختبره اجده لا يستحق، ولكن حينما ابدأ معه واظهر الذي عنده اجد ان لديه قابلية ولكن لا احد يحتضنه او يقوده ويعطيه الاسرار، هناك شباب ولكنهم بحاجة الى من يدعمهم ويدلهم على الطريق الصحيح.
هذا يعني انك غير متشائم من المستقبل خاصة مع ما يحدث من التطورات التكنولوجية والعولمة؟
- حب الانسان للخط هو الرهان، فمن الممكن ان يكون للخط حضور في ازمنة العولمة وثورة الاتصالات ومن الممكن ان يتحدى العولمة اذا ما اعطى الخطاط من وقته وانتج شيئا جيدا من خلال دراسته له وحسابه بدقة، هذا ممكن لمسايرة الزمن.
هل تعتقد ان الخط العربي يضمحل بسبب عدم الاهتمام به؟
- لا، الخط باقي، الله هو حاميه ان شاء الله، ونحن يجب ان نكون معاصرين بشرط ان نكون اصيلين، المعاصرة لا تعني انقطاع الجذور، كما ان استيعابها لا يعني التخلي عن تراثنا الثقافي العظيم، ومن الممكن المزاوجة ما بين الحديث والقديم، كأن يكون هناك عمل جديد وفيه ضربة فنية، لا نريد ان نبقى على (الكلاسك) بل اننا نعطي كل الصور وعلى الناس التقييم، وعندما نمزج نريهم ان هناك مجالا للابداع والمزاوجة.
ما سبب قلة معارض الخط العربي؟
- اللوحة الخطية متعبة، والفنان عندما يشتغل هذه اللوحة يريد مقابلها (تصريف)، واذا لم تصرف يضطر الى بيعها الى المعارف وهكذا، لذلك لا بد له ان يبني منظومة علاقات، فعدم وجود اهتمام حقيقي هو السبب الحقيقي وراء عدم اقامة معارض الخط، هناك خطاطون كثيرون جيدون، اكثر مما تتصور، ولكن قلة الاهتمام هي السبب في عدم تمكنهم من اقامة المعارض، فكان على من يهمهم هذا الامر اقامة الطلب من الخطاطين لاقامة معارض وتحضهم على المشاركة فيها، اما ان يقدم لوحته وهذا قريب فلان وذلك صديق علان، فهذا مؤثر سلبي، فالمحسوبية دخلت على هذا المجال ولا توجد لجان وحتى ان وجدت فهناك من يجلب اخاه او قريبه، وهذه الاشياء لا تخلق تنافسا ولا ابداعا.
هل راودك الاحباط؟
- اطلاقا لانني رسمت لي طريقا وعرفت الامكنة التي ارى قيمتي فيها، فلدي زبائن وعندي مراكز وعلاقات خارج العراق، اما في العراق فليس لدي نشاط.
تحولت مانشيتات الصحف واللافتات الى الحرف الالكتروني، هل ترى في هذا تأثير على الجمهور؟
- اثر بالدرجة الاولى على الخطاطين الذين يشتغلون تجاريا، اما على اللوحة الفنية فلم يؤثر، مانشيتات الصحف كانت تستعمل خط النسخ ويكتب على المسطرة، وقد يكون اثر على الجمهور ولكن ليس بالشكل الذي قد تتصوره، لا نريد ان نتمسك في الحرف الذي احيانا لا يناسب هذا المانشيت، احيانا يأتيني عنوان كتاب لأخطه، فأقرأ عنوانه، فإن كان تاريخيا اخطه بالثلث وان كان يتكلم عن الرسم فأختار (المودرن)،الخط لا يؤثر على من ليست لديه اهتمامات فنية، ولكن ان كانت لديه هذه الاهتمامات فسوف يبحث عن الاصالة ويحاول ان يبدع، فهذا مجرد عنوان في جريدة عمره يوم واحد، وان كان جميلا.
ما ابرز الجوائز التي حصلت عليها؟
- جوائز كثيرة من مهرجانات عالمية، وابرزها في مشاركاتي في المعارض العالمية للخط العربي والزخرفة الاسلامية وحصلت منها كلها على جوائز والحمد لله، كما نلت الجائزة الاولى في مهرجان بغداد، كما انني اقمت خمسة معارض منها اثنان داخل العراق وثلاثة خارجه.
ما اكبر لوحة خطية نفذتها؟
- عملنا في الخط والزخرفة يحسب على المنمنمات، فأكبر لوحة بقياس متر في 70 سم، فاللوحة الخطية عندما تكبر وتكبر الزخرفة تراها بشكل اخر.
كيف يتقبل الاجانب هذا الفن؟
- هذا فن شرقي وتراث اسلامي وهم يرغبونه وهناك مؤسسات كاملة تبحث عن هذه الاشياء ويحتضنوننا باهتمام وتشجيع، فحين نقيم معرضا يلتزمون المعرض من البداية الى النهاية، من اعلاناته ودعايته الى ادق التفاصيل.
ما الاسم الراكز الذي تشعر ما زال حتى الان؟
- هاشم الخطاط طبعا وهناك الخطاطون الاتراك، والان من الاحياء عباس البغدادي الذي علم نفسه بنفسه، كما ان هناك العديد من الاسماء ولكنني اتجنب ذكرها حتى لا انسى احدا فيحدث عتاب.
ما الذي ما زال في نفسك ولم تحققه؟
- انا اعتبر نفسي في اول الطريق، فكل ما حققته وما زلت اريد ان احقق الاشياء التي لا تشبه ما عملته.
كم عدد اللوحات التي رسمتها؟
- بالالاف وكلها في متاحف العالم وفي بيوت ومؤسسات فضلا عن البعض منها في بغداد عند عوائل راقية، هي تطلب مني ذلك، وهناك من يطلب ان يزخرفها بالذهب الاصلي او الاكريليك، وكل شيء له سر.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق