الاثنين، 1 أبريل 2013

حراك " أريد حقي " سينتصر رغم كل الصعاب


أخذت المطالب الحقوقية في بلدان الربيع العربي منحى آخر منذ أكثر من عامين. هذا المنحى ركّز على مبدأ «أريد حقي»، وهو مبدأ يختلف تماماً عن لغة العطايا، وذلك بسبب انتشار الوعي بقيمة الكرامة والحرية بصفتهما حقاً أصيلاً، وهذا ما يريده المواطن العربي الذي عانى كثيراً بسبب غياب الدولة المدنية العادلة والمواطنة الحقيقية والمتساوية.
من هذا المنطلق خرجت المظاهرات في شوارع وميادين العواصم والمدن والقرى في عدد من البلدان العربية، وشهدت فترة الربيع العربي حراكاً مختلفاً إذ تحركت قطاعات المجتمع نحو إحداث التغيير الذي طال انتظاره.
تشهد الساحة العربية توجهين لمقاومة حركة «أريد حقي»، فمن جانب انبعثت قوى ظلامية وطائفية وعنصرية تحاول اختطاف الصحوة العربية وإعادة توجيهها لإعادة إنتاج الحالة الطالبانية التي دمّرت أفغانستان وباكستان وبلدان أخرى أيضاً، وحوّلتها إلى بلدان خربة من ناحية العمران، ومفتتة من ناحية التكوين المجتمعي.
من جانب آخر، فإن هناك توجهاً آخر يتمثل في قوى القمع والاستبداد التي نظرت إلى الربيع العربي وكأنه جرس إنذار ينبئ بنهاية عصور العبودية والاستبداد، وراحت هذه القوى تستخدم كل ما لديها من أدوات لقمع حركة الشارع، واعتبرت المتظاهرين السلميين إرهابيين، فقط لأنهم تظاهروا لمجرد إبداء رأيهم في هتافات وشعارات ترفع الصوت المختلف، وهو صوت تعتبره قوى القمع «خارج على القانون».
ولذا نرى أن الحل الأمني مازال هو المستمر في مقابل رفض الحل السياسي، إذ لا يمكن لقوى القمع التعايش مع الصوت الآخر للمواطنين، ولا يمكن التعايش مع طرف يريد أن يتساوى ويتشارك في شؤون الوطن، فذلك مستحيل بحسب من يعتقد أن الأمور والأوضاع غير قابلة للتغيير، أو أن هذه المنطقة أو تلك «مختلفة» عن باقي البشر وتعيش خارج سياق التاريخ!
إن تقسيم مجتمعاتنا إلى طرفين متناحرين إنما هو سياسة تستخدم من أجل إبقاء ثقافة الرأي الواحد، وهي سياسة لا تخلق سوى وضع معقّد، إذ تصبح المجموعات المطالبة بسماع صوتها معاقبة ومهمشة بينما مجموعات السلطة تتحول إلى الانتهازية، مستفيدةً من هذا الانقسام لأنها تخاف أن تخسر ما جنته على حساب آلام الطرف الآخر.
ولكن نرى أن من طبّل واستلم أجرة التطبيل مساهماً في حملة ضد «أريد حقي»، بدأ دوره ينتهي «لانتهاء فترة الصلاحية»، مع انتهاء دور التطبيل، ولهذا بدأ بعضهم يستجدي من جانب ويهدّد من جانب آخر. مثل هذا الكلام الذي بدأنا نسمعه ونقرأه من جانب المطبلين والانتهازيين يعكس المستوى الهابط الذي وصلوا إليه، لتعرف إن كان هؤلاء مازالوا يمتلكون ذرّةً من العقل أو الكرامة.
إن منطقتنا بحاجة إلى الحل السياسي المتسق مع نهج العصر الحالي، والصحوة العربية الحالية قد تتعثر بسبب ازدياد نشاط قوى الظلام من جانب، وقوى القمع من جانب آخر، إلا أن حركة التاريخ أصبحت أكثر ثباتاً، لأن الوعي بالحقوق أصبح جزءاً لا يتجزأ من حراك متسع يزداد قوةً مع انفتاح العالم على البعض، وانكشاف الأساليب غير الإنسانية التي ينتهجها من يتصدى لحراك «أريد حقي».
إن الصحوة الاسلامية التي انطلقت في 2011 ستنتصر في نهاية الأمر، وذلك لأنها مرتبطة بالتقدم نحو الديمقراطية على مستوى العالم كله. وقد شهد العالم في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي انتهاء الأنظمة الاستبدادية في أميركا اللاتينية، وتفكيك نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا وسقوط الأنظمة الاستبدادية في شرق أوروبا وانهيار جدار برلين، وتحوّل دول في مختلف بقاع العالم، مثل كوريا الجنوبية، إلى الديمقراطية.
إن قصص نجاح الشعوب في التحوّل نحو الديمقراطية ستشمل بلاشك البلدان العربية، فنحن جزءٌ من هذا العالم، ورغم أن الخطوات الأولية للتحوّل نحو الديمقراطية تشهد إحباطات هنا وهناك، إلا أن التجارب العالمية تقول إن الوعي الذي ينتشر بين الناس يبقى معهم حتى يتم تخطي المشكلات، وذلك لأن شعوب العالم اكتشفت أن الديمقراطية هي أقل الأنظمة ضرراً مقارنةً بغيرها، بصفتها نظاماً للحكم ينبع من الناس ولا يصادر حقهم في تغييرها عندما تفشل في تلبية طموحاتهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق