الثلاثاء، 21 مايو 2013

مفارقات حزينة


ديدن الصحفي والكاتب ان يلتقط ما يمكن توظيفه في ايصال فكرة او معلومة الى القراء، وهو بذلك لا يكاد يترك شاردة او واردة تستحق الكتابة في مضمونها الا وظّفها لصالح قلمه.
من تلك المواقف المحزنة التي لا تخلو من الطرافة (وان كان موضوعها مؤلما).
مثلأ، قول مدير الاخبار في صحيفتنا انه بات يحمد الله تعالى ويشكره على التفجيرات التي تخلف عددا قليلا من الضحايا، حتى انه لم يعد يهتم بخبر مقتل شخص او اثنين كونه لم يعد خبرا يثير اهتمام القارئ لتكراره وغلبة الحوادث الارهابية التي تطيح بالعشرات والمئات.
وايضا قول احد البسطاء (عامل بناء) مستغربا اصرار الارهابيين على استهدافهم في (المساطر): ضننا ان الفقر الذي يطاردنا هو ارهاب يكفي ليشفي غليل من يتربص بنا ولكن يبدو ان الفقير يتوجب ان يدفع ثمن كل شيء في هذه الحياة!
ومن ذلك الحوار الذي دار بيني وبين احد الزملاء في الصحيفة اثناء نشرة اخبارية لاحدى الفضائيات عشية تفجيرات دامية.
يقول زميلي: يبدو ان ظهور المذيعة بالزي الاسود فيه اشارة الحداد، فقلت له: ربما زي كباقي الازياء التي تواظب المذيعات على استبدالها باستمرار او لعلها حزينة على شخص قريب لها، فقال: اذن لماذا في هذا اليوم بالذات.
اجبت: لو كان الامر بهذه الطريقة فلن تلبس زيها الاسود على الارجح، لانها وطوال قراءتها لنشرات الاخبار لم يمر عليها يوم دون خبر عن قتل او تفجير وحينها سيكون التفسير بحسب حدث اليوم ان كان اغتيال لشخص ما فهي حزينة على المقتول وان كان تفجير فهي تعزي ذوي الضحايا او تواسي العراقيين.
واستطردتُ: اما اذا عكسنا الامر (اي اذا كانت تريد التعزية) فعليها ان لا ترتدي غير الاسود طوال ايامها ونشراتها لانها ستضطر الى المواساة المستمرة لاحداث غدت يومية.
المفارقة في المواقف آنفة الذكر (وغيرها الكثير) انها تكاد تغير نظرتنا للامور لنراها من واقع العنف والحزن الذي يرفض ان يفسح المجال للفرح لينهل منه العراقيون بالقدر الذي نهلوه منه.
غير ان الامل لن يفارقنا بانقضاء كل هذا الالم والشر لتحل محله الراحة والطمانينة والخير ومعهم جميعا الحل الكامل لكل مشاكلنا الاخرى في ميادين الاعمار والخدمات.
مقالات للكاتب كريم ابو طوق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق