بداية وقبل ان ندخل في التفاصيل، نجزم ان الخاسر الوحيد من المفاوضات، هو الشعب الفلسطيني ... والرابحون كثر، وفي مقدمتهم العدو الصهيوني واميركا، ومن لف لفهم.
وفي التفاصيل .. فقد التأمت هذه المفاوضات وفقا للشروط والاشتراطات الصهيونية.. فلم يتوقف الاستيطان، برغم كل ما قيل من تعهدات اميركية شفوية، وفي هذا الصدد نشير الى ما نشرته معاريف الاسرائيلية في عددها الصادر الاربعاء الماضي: “ تم توفيع اتفاق سري بين رئيس الحكومة نتنياهو، و وزير اسكانه اوري ارئييل من حزب البيت اليهودي اليميني ، يقضي ببناء آلاف البؤر الاستيطانية، مقابل بقاء الحزب في الائتلاف، بعد قرار اطلاق سراح 104 اسرى فلسطينيين “ وتضيف الصحيفة “ ان المفاوضات بين نتنياهو وارئييل جرت بمراسلة خطية مباشرة ، كي لا يتم تسريب المعلومات للاعلام، وخوفا من احراج نتنياهو أمام الادارة الاميركية والفلسطينيين بعد استئناف المفاوضات في واشنطن، وبحسب هذه التفاهمات ستجري خلال المدة المقبلة المصادقة على بناء ألف وحدة سكنية جديدة، وبعد عدة أشهر سيجري بناء ما بين 3500 الى 4500 بؤرة استيطانية جديدة أيضا”.
وفي السياق نفسه كشف الباحث المتخصص في شؤون الاستيطان بالقدس المحتلة، أحمد صب لبن، عن مخطط لاعضاء في الحكومة الاسرائيلية، لبناء حي استيطاني جديد بالقدس القديمة قرب باب الساهرة، يتكون من اربع بنايات . “الدستور”: الاول من الشهر الحالي. وجاءت تصريحات نائب وزير الخارجية “ ان اقامة دولة فلسطينية بحدود الرابع من حزيران ، يعتبر انتحارا لدولة اسرائيل” ليؤكد ان العدو لم يوافق على وقف الاستيطان وعلى اقامة دولة فلسطينية بحدود الرابع من حزيران، وهذا يعني بصريح العبارة بان ما اشيع من تعهدات اميركية شفوية، ليست الا كلاما انشائيا غامضا، لا يشكل الزاما لواشنطن ولا للعدو ، وانما هو مجرد مجرد بوابة لدخول الفلسطينيين الى بوابة المفاوضات .
ومن ناحية أخرى فان استئناف المفاوضات من شأنه ان يربك نهج المقاطعة الدولية للعدو، والتي بلغت أشدها بقرار الاتحاد الاوروبي مقاطعة منتوجات المستعمرات الاسرائيلية المقامة في الضفة الغربية المحتلة. واشنطن هي أيضا من أكبر المستفيدين، فهي تعطي حليفها العدو الصهيوني فرصة جدية لاستكمال تنفيذ خططه ومخططاته التوسعية وخاصة تهويد القدس، ما يشكل “عربون” ثقة جديدا لنتنياهو، وتشعره بذلك انها حريصة على مصالح اسرائيل، في الوقت الذي ترسل فيه رسالة لحلفائها من الدول العربية، بانها لم تهمل ملف الصراع الاسرائيلي-الفلسطيني، وها هي تعيد الحياة الى العملية السلمية، وتخرجها من غرفة الانعاش، كما تعود لتشدد قبضتها على الملف بكامله، وابقائه تحت السيطرة، ريثما تنجز القضايا الاهم في المنطقة. القيادة الفلسطينية –مع الاسف- لم تستفد من التجارب المريرة السابقة، والتي كانت بمثابة الكارثة على القضية وعلى الشعب، فلقد استغل العدو المفاوضات السابقة للاستيلاء على أكثر من 86 % من اراضي القدس المحتلة، وعلى أكثر من 60 % من اراضي الضفة الغربية، واصبح عدد المستوطنين نحو 600 الف مستوطن ارهابي.. يعيثون في الارض المحتلة خرابا وتدميرا.
ومن هنا بدلا من التمسك بشروطها التي اصرت عليها لثلاث سنوات، انهارت أمام الصغوط الاميركية، وسلمت “الرسن” لوزير خارجية واشنطن .لقد استغلت واشنطن والعدو الصهيوني المستجدات الخطيرة، التي تعصف بالمنطقة وتنشر الفوضى في اكثر من دولة، وحالة الانقسام الخطيرة في المجتمع الفلسطيني، فجرت القيادة الى مربع التفاوض ، وهي في أضعف حالاتها، وأسوأ اوضاعها، وقد فقدت الظهر والسند، والأرض الصلبة التي تمشي عليها.ان التجربة المريرة التي خاضتها القيادة، وقد ثبت كارثة خيار “ لا بديل عن المفاوضات الا المفاوضات” تفرض عليها الا تذهب الى المفاوضات الا وقد تسلحت بالانتفاضة الثالثة، لتعديل موازين القوى، ولتثبت لواشنطن وللعدو ، انها لن تستطيع تجاوز اهداف الانتفاضة، في الانسحاب الكامل للعدو من الارض المحتلة، واقامة الدولة المستقلة على كامل هذه الارض، وعاصمتها القدس الشريفة، وعودة اللاجئين بموجب القرار الاممي 194. باختصار... ندعو القيادة الفلسطينية ان تعود الى الشعب الفلسطيني، تقرأ الاستطلاعات، وتسمع ما يقوله سرا وعلانية، فهو صاحب القضية .. وهو البوصلة التي لا تخطئ. وندعو الوفد المفاوض ان يكف عن احتضان وتقبيل ليفني “كما نقل مراسل “البي. بي. سي” ولا ينسوا انهم يفاوضون قتلة .. أيديهم ملطخة بدماء ابناء شعبهم".
مقالات للكاتب رشيد حسن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق