الاثنين، 13 فبراير 2012

( بلادي ) تنفرد بنشر كلمة المعارضة البحرينية أمام مجلس اللوردات البريطاني اليوم

لانبغي من كلمتنا هذه ان تكون بحثا تاريخيا بخصوص من هم سكان البحرين الأصليين؟ ذلك ليس مهما إلا بقدر ما يسلط الضوء على مجريات الأمور في الوقت الراهن وملابساته، وخاصة ما يتصل بافتعال المسألة الطائفية, وشهرها كسلاح سياسي فائق التدمير, وكيفية إثارتها وتوظيفها في صراعات الحاضر وتمزيق النسيج الاجتماعي, والهدف من وراء كل ذلك: تأبيد الحكم الخليفي. لقد كان الشيعة موجودين على امتداد التاريخ الموثق في البحرين كما تشير وثيقة تاريخية معتبرة, فقد ورد في كتاب "التحفة النبهانية" لمؤلفه : المؤرخ الشيخ محمد النبهاني المكي وهو كذلك يبحث في تاريخ الجزيرة العربية ويقع في اثني عشر جزءا وتكلم عن كل منطقة . وبعد الاحتلال الخليفي وفدت أقلية سنية للبحرين, ثم تلتها موجات أخرى في مراحل تاريخية متباعدة, طلبا لرغد العيش, وفي عشرينيات القرن الماضي سجلت موجة نزوح عكسي لقبيلة الدواسر من الطائفة السنية، كان التعايش ولا زال قائما بين مكونين إسلاميين لهذا الشعب, وفي الغالب, لم يشكل التعايش السني الشيعي الراقي والعريق, والإندماج لدرجة المصاهرة, وإلى حد الأنصهار, عاملا سلبيا في المشهد الوطني العام, ولم يمثل التباين المذهبي العقائدي الثقافي والانثروبولوجي بين مجموعات السكان في البحرين سببا للاحتراب البيني . أما قضية الشيعة والسنة في البحرين كقضية سياسية والتوظيف السياسي لها فقد بدأ تاريخيا مع بداية الاحتلال الخليفي للجزر قبل 229 عاما, 1783 ,هذا واضح من خلال إطلاق تعبير (الفتح الخليفي للبحرين), كما تم إضفاء توصيف ملغوم لأول قدم خليفية دنست أرض أوال الطاهرة, من آل خليفة وهو: (احمد الفاتح) ، وليس احمد الغازي، وليس احمد المحتل. مفهوم الفتح كما هو معلوم للجميع يعني حصريا قيام مسلمين بغزو بلد آخر، سكانه غير مسلمين, أي (كفار) بغرض هدايتهم، ومن هنا ندرك أمرين في غاية الخطورة, توصيف عملية الغزو بالفتح، كان يهدف لشرعنة الاحتلال, وما ترتب عليها من استباحة لأموال وممتلكات أهل البلاد الاصليين, وأكثر من ذلك, فقد وصل الأمر إلى حالة إستعباد السكان الاصليين, والتعامل معهم كرقيق, من خلال نظام السخرة وفرض الإتاوات, الذي قد يشعر بعضكم بالصدمة إذا علم أنها كانت تمارس كأمر واقع إلى ما قبل عهد قريب جدا, كما هو الحال مع الفلاحين, ومع صيادي الاسماك, ساضيء بعد قليل بايجاز شديد على هذا الجانب, وعليه فأن ما تعرضت له بلادنا في العام 1783 كان غزوا مفضوحا، وليس فتحا كما يدعون . لقد دأب الغزاة على تكرار واعتماد تسمية الفتح للبحرين للتعتيم على حقيقة الغزو، وأطلقوا على المحتل الأول لقب الفاتح، وعملوا على تأكيد ذلك من خلال مجموعة من الرموز والمسميات والمعالم المادية, من قبيل مدرسة احمد الفاتح، وشارع الفاتح، ومركز الفاتح الإسلامي، وجائزة الفاتح وغيرها من المسميات، وكل ذلك يدل على منطق ونظرة آل خليفة للأرض التي احتلوها، ولسكانها الأصليين، وهم الشيعة في هذه الحال، فالشيعة الذين وقع عليهم الغزو بمنظور آل خليفة - حتى لو لم يصرحوا بذلك- ليسوا مسلمين، بل كفار، وفي المقابل يظهر في الشق الثاني من المعادلة أن آل خليفة في صورة مجاهدين مسلمين فاتحين لبلاد الكفار، وليس لبلاد يسكنها مسلمون شيعة, والفرق شاسع بين المفهومين, وليس مجرد اختلاف مذهبي، من هنا جاء مفهوم ومدلول الفتح الخليفي بدلا من الغزو الخليفي، واحمد الفاتح بدلا من احمد الغازي . وعليه فإن المسألة الطائفية في البحرين منتج خليفي 100%, بدأت بالظهور مع بداية الاحتلال الخليفي للبحرين، وتأسس من خلالها نمط من التعامل الخليفي مع السكان الأصليين (الشيعة), الذين تم غزو بلادهم في غفلة من الزمن, وفي لحظة فراغ سياسي محلي وإقليمي, وصراع دولي في الثلث الاخير من القرن الثامن عشر, إلا أن هناك أمر لافت يستحق التوقف عنده, فالدارج في البحرين منذ الغزو الخليفي وحتى الآن تسمية الشيعة بالبحارنة, ويقال لأحدهم بحراني, وقد حملت معها هذه التسمية بعض العوائل التي اضطرها بطش الإحتلال الخليفي للهجرة إلى خارج البحرين, هربا بحرائرهم وصونا لشرفهم, كما هو حال العوائل التي هاجرت للبصرة في جنوب العراق, وإلى المحمرة على الشاطىء الإيراني, وكذلك إلى دبي وباقي حواضر الخليج , بعد أن تمادى الغزاة الخليفيون في التنكيل بهم, وهتك أعراضهم ومعاملتهم كعبيد, وتمت مصادرة أراضيهم وممتلكاتهم في البر والبحر من قبل الغزاة الجدد، على اعتبار أنهم حسب الوصف المسكوت عنه (كفارا), وبالتالي فهم يعتبرون من غنائم الفتح, ومن أسلابه وأسراه، وهكذا سارت الأمور حتى الوقت الراهن, الأمر الوحيد الذي تغير على مدى 229 عاما هو التنويع في الأساليب فقط, أما جوهر الإحتلال وممارسات السلب والنهب والبطش فبقيت هي هي لم تتغير. بعد الإحتلال الخليفي وفدت قبائل وجماعات حليفة ومساندة لآل خليفة إلى البحرين, وعلى امتداد القرن التاسع عشر أخذت المسألة الطائفية تتبلور شيئا فشيئا، وبلغت أوجها في عهد عيسى بن علي 1869- 1932 الذي وزع أملاك وأراضي الشيعة في البحرين على أفراد عائلته كإقطاعيات, وكل فرد له مطلق الصلاحية في إقطاعيته يتصرف فيها كيفما يشاء بالبشر والحجر، وهنا عرفت البحرين ربما لأول وهلة النظام الإقطاعي القائم على السخرة الأقرب إلى العبودية. لذلك فإن تاريخ الطائفة الشيعية في البحرين مليء بالغبن الطائفي والطبقي، فالفاتحون سنة (مالكيون), وسكان البلاد الأصليين شيعة (إثناعشرية)، وطبقا لمفهوم الفتح الخليفي فلا غضاضة من سلبهم كافة حقوقهم, لأسباب عدة, أهمها أنهم ليسوا على مذهب أقره (دين) الغزاة, فهم بمنطق الفتح كفار، وهنا يكمن معنى إطلاق آل خليفة على الشيعة تسمية (حلايل), بمعنى يحل مالهم ودمهم وعرضهم، وقد تم التعامل معهم على هذا الأساس، والذاكرة الجمعية للشيعة تؤكد ذلك, ولمن يرغب يمكن الإطلاع على كتاب المناضل د. سعيد الشهابي "الوثائق البريطانية" . اعتمد الإحتلال الخليفي على قاعدة التشطير الطائفي بين السكان الأصليين الأكثرية الشيعة, والأقلية السنية كمنهج للحكم في البحرين, وقد بلغ التشطير ذروته في بداية عشرينيات القرن الماضي, وذلك من خلال عملية تأليب للسنة قام بها الشيخ عيسى بن علي ضد الشيعة فيما يتعلق بالإصلاحات السياسية, حيث تقدم بعريضة إلى البريطانيين بتواقيع من السنة يعترض فيها على مطالب إصلاحات سياسية مطلوبة من الشيعة وضرورية، وإظهار الأمر وكأن السنة ليسوا مع الشيعة في المطالب السياسية، التي كان مطلوبا منه أن ينفذها، وخاصة تجاه رعاياه من الطائفة الشيعية باعتبارها المكون الأكثر تضررا من جراء الغزو ورفع الغبن والسخرة عنهم، لكنه لم يفِ بوعوده التي طالما وعد بها الشعب والمستعمر البريطاني حينذاك . وبسبب سياسته الطبقية والطائفية والمذهبية المتعجرفة تجاه عموم المواطنين, وبشكل فاقع ضد الشيعة فقد أصبح هاجسا مزعجا في نظر البريطانيين، وباتت الأوضاع تنذر بالانفجار, فتم عزله من قبل الانكليز خشية قيام ثورة شعبية، وقاموا بتعيين ابنه وولي عهده الشيخ حمد مكانه كنائب لحاكم البحرين ابتداء من سنة 1923 حتى سنة وفاة والده سنة 1932. بهذا الحدث الذي حاول فيه الشيخ عيسى بن علي (في العقد الثاني من القرن الماضي) تجييش الطائفة السنية لصالح قبيلته وحكمه الاستبدادي ضد مطالب الإصلاح السياسي المرفوعة من أعيان الشيعة بدأت المسألة الطائفية في البحرين تطل بقرونها في الشأن السياسي، وتتخذ طابعا سياسيا. وكان النظام يقوم دائما بتخويف السنة من الشيعة, ويعمد إلى تحشيدهم وخلق حالة رعب لديهم من إخوانهم الشيعة, ليؤمن الاستمرار في حكم البلاد بالنار والحديد, ويسارع بتطويق أي محاولة للإصلاح السياسي بشعار التطييف، وإبرازها وكأنها خاصة بطائفة دون أخرى، وتصوير الصراع السياسي وكأنه صراع طائفي، وأن دور آل خليفة هو إصلاح ذات البين، أو فوق الصراعات الطائفية والطبقية، وأنهم يقومون بحماية الشعب من نفسه ومن الاحتراب الطائفي، في حين أن الحقيقة الجلية أن الحكم الخليفي وعلى امتداد تاريخه هو المشكلة في كل الصراعات وفي اختلاقها وإذكائها، حتى ولو بدت وكأنها بين الطوائف في الظاهر، حيث يقوم بافتعالها للتشويش على أي حركة جماهيرية شعبية ذات مطالب سياسية، كما يحدث الآن منذ انفجار ثورة 14 فبراير. بهذا المعنى فإن النظام ومنذ بداية حكمه، كانت الورقة الطائفية هي الورقة الرابحة بالنسبة إليه, يستخدمها بخبث شديد في تمييع الصراع السياسي بينه من جانب, وبين الشعب من جانب آخر، لينشغل الجميع في دهاليز ومتاهات واحقاد من شأنها تضييع نضال الشعب من أجل الإصلاح السياسي وإقامة الملكية الدستورية. لم يكن خلفاء الشيخ عيسى بن علي من أولاده وأحفاده من الحكام, وإلى يومنا هذا يختلفون عنه في شيء في إدارة الصراع بين مكونات الشعب، فقد ساروا على نفس الخطى في تشطير المجتمع بين شيعة وسنة والرقص على الأجناب، وهذا ما حدث في عهد سلمان بن حمد (1942- 1961) عشية حركة هيئة الاتحاد الوطني 1954- 1956، حيث قامت هذه الحركة في أعقاب تشطير طائفي سني شيعي لعب فيه النظام دورا ليقطع الطريق على الحركة السياسية الديمقراطية المطالبة بالإصلاح عندما كانت أوضاع المجتمع تنبئ بانفجار شعبي كبير وقد حدث ذلك بالفعل . لكن الحركة الشعبية في الخمسينيات كانت أقوى من الاعيب النظام, حيث كان السنة والشيعة على قلب رجل واحد, ولم يستطع النظام طأفنتها، فما كان منه إلا أنْ تحالف مع المستعمر البريطاني وبعض القوى الإسلامية (الإخوان المسلمين) هذه المرة لضرب الحركة وقمعها بشكل دموي، وتم سجن وتسفير قياداتها إلى أقاصي الأرض. لا تختلف الحالة في البحرين الآن فيما يتعلق باللعب بالورقة الطائفية عن الفترات السابقة، فالأمر يكاد يكون متشابها إلى حد كبير في طريقة تعامل النظام، وما أشبه الليلة بالبارحة. فالنظام لم يتزحزح قيد أنملة عن أسلوبه القديم/الجديد في معالجة الحراك السياسي فكلما ووجه باستحقاق سياسي وبمطالب جماهيرية ملحة ركب المطية الطائفية وحشد طائفة ضد أخرى، وعادة ما تقع الطائفة السنية فريسة سهلة لإرادته في قبالة المطالب السياسية المشروعة التي لم تكن طائفية في يوم من الأيام لا في الماضي ولا في الحركة الأخيرة، ومحاولة إبراز تلك المطالب السياسية العامة وكأنها مطالب شيعية فقط، أو مطالب سنية فقط وليست شعبية، والإيحاء من قبل النظام إنها ستجلب في حال تحققها الويل والثبور وعظائم الأمور للسنة أو للشيعة، أو أن الشيعة يريدون الانقضاض على الحكم. ولأن حركة 14 فبراير قد وصفت بأنها شيعية (حسب النظام) ودرءاً لذلك ما عليهم (السنة) إلا الوقوف مع النظام بكل قوة وهو الذي سيحميهم من بطش إخوانهم الشيعة ومن (حكم ولاية الفقيه والجمهورية الإسلامية ) بعد استلامهم للحكم حسب مزاعم النظام. هذا بالضبط ما يقوم به الآن النظام من حرف وتحريف وتعمية وتشويش على الثورة الشعبية التي بدأت في 14 فبراير، إذ يحاول جاهدا أن يحجم اليقظة الجماهيرية الوطنية العارمة الى مستوى حركة طائفية مع الاستماتة من خلال الإعلام والأقلام والفبركات وإدخال الرتوش والنزعات المذهبية عليها من خلال اتهامها بادعاءات من قبيل حكومة ولاية الفقيه وجمهورية ولاية الفقيه وحكم الملالي .. إلى آخر معزوفات النظام, وذلك لطبع الحركة السياسية بطابع طائفي غير موجود، وكل ذلك بهدف تحييد وتخويف السنة عن الانخراط مع الشيعة وتخويفهم دون وجه حق، وإظهار النظام نفسه وكأنه حامي البلاد من الانزلاق إلى الحرب الطائفية. الخلاصة, لا وجود لمشكلة طائفية حقيقية في البحرين بين الشيعة واخوانهم السنة لا في الماضي ولا في الحاضر، لقد كانوا دائما محافظين على العيش المشترك وسيظلون. ولكن إزاء ذلك كان هناك دائما النظام الذي يوظف الطائفية كنهج سياسي لأغراض سياسية تخدم العائلة الحاكمة فقط، تهربا من استحقاقات الإصلاح التي طال أمدها، أما الطوائف كجماعات دينية وثقافية فقد كانت موجودة على امتداد تاريخ البحرين وكان التعايش والتفاهم والتفهم هو الحاكم لهذا العيش المشترك، أما الطائفية كنهج سياسي فهي من صنع النظام الحاكم في البحرين وارتبطت به منذ احتلاله لارض أوال . التطور الخطير يتمثل في إقدام الحكم القبلي الخليفي على استخدام مصطلح "التطهير", ضد الشيعة, وبشكل متكرر, وفي بيانات رسمية صدرت عن مراجع عسكرية, عشية اقدامه على خطوة قمع المواطنين المجتمعين في ميدان الشهداء اللؤلؤة سابقا, بتاريخ 17/2/2011, وها هو بعد مرور عام على انطلاق الثورة, وتصاعد وتيرة الرفض الشعبي الواسع للحكم القبلي الخليفي, ها هو يلمح لتطوير خطير, من خلال الحديث عن المضي في كونفدرالية تذوب الكيان البحريني في النظام السعودي, فكانه يضع الشعب أمام خيارين, فإما القبول باستمرار الإستبداد الخليفي, أو نبيعكم لآل سعود !!! لكن زمن الدكتاتوريات في العالم ولّى إلى غير رجعة, ونحن بكل ثقة نقول, ليس أمام آل خليفة إلا الفرار قبل أن يلقى آل خليفة ما لقيه الطاغية القذافي, والطاغيةصدام .


http://www.beladitoday.com/index.php?aa=news&id22=2750

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق