رأى خبراء أن آن باترسون سفيرة الولايات المتحدة الامريكية في مصر تعد المسؤولة عن تفجير قنبلة التمويل الأميركي غير المشروع لحركات سياسية ومنظمات حقوقية وشخصيات عامة، فأعلنت بجرأة منقطعة النظير أن هيئة المعونة الأميركية منحت هؤلاء مبلغ 40 مليون دولار منذ شهر آذار الماضي. وتسببت ـ بدهاء سياسي ـ بانتشار فيروس التخوين بين المصريين، فصار الجميع ينظر إلى منظمات المجتمع المدني والحر والمنظمات السياسية لاسيما الليبرالية منها على أنهم عملاء للخارج، أو على الأقل ممولون من الغرب. وردت تلك الجهات بإلقاء كرة اللهب على التيارات الإسلامية، متهمة إياها بتلقي تمويل أيضاً، ولكن من الخليج العربي.
وصار هذا الإتهام ينتقل من جهة إلى آخر ومن شخص إلى آخر، وتحول إلى ما يشبه الفيروس المعدي بين المصريين..
ويصب في هذا الإتجاه رأي بلال دياب المتحدث الرسمي باسم الجبهة الحرة للتغيير السلمي، وقال: يبدو أن السفيرة الأميركية جاءت من باكستان خصيصا لضمان استمرار مصالح الإدارة الأميركية مع الأنظمة المستبدة في الشرق الأوسط على حساب شعوبنا العربية المكوية بنيران الاستبداد وحلفائه.
وطالب دياب الإدارة الأميركية بالكف عن التدخل في الشأن المصري، مشيراً إلى الرفض التام لمحاولات الإدارة الأميركية رشوة السلطات المصرية عبر المعونة العسكرية.
و وصف تحركات السفيرة الأميركية على الأراضي المصرية وبين الحركات والأحزاب السياسية وتفجيرها لقضية التمويل الأجنبي ثم تدخلها بشكل سافر في شؤون القضية حتى إلغاء قرار منع الأميركيين من مغادرة مصر بـ"المشبوهة"، وقال: نؤكد مراقبتنا المستمرة لجميع التحركات المشبوهة من جانب رجال الإدارة الأميركية ومؤسساتها غير الرسمية سواء مع المجلس العسكري أو مع الأحزاب الدينية لوضع العراقيل أمام التحول الديمقراطي الحقيقي في مصر..
وشدد على أن السفيرة الأميركية تطعن في مسيرة الثورة السلمية، وقال: هذا ليس غريبا على حكومة رحّبت ورضيت باستقبال السفاح علي عبد الله صالح. وأعلن دياب عن تدشين حملة لمقاطعة الدبلوماسية الأميركية والمنتجات الأميركية كذلك، وقال: كل هذه التحركات سيدفعنا إلى التنسيق مع شباب الثورات العربية من أجل تدشين حملة لمقاطعة المنتجات الأميركية وعزلة دبلوماسييها.
وفيما اعتبره إعلاميون مصريون محاولة منها لإرهاب الإعلام تقدمت باترسون ببلاغ ضد الإعلامي وائل الإبراشي مقدم برنامج الحقيقة على قناة دريم، متهمة إياه بالتحريض على اقتحام السفارة الأميركية، وأوضحت في بلاغ إلى رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، أن برنامج "الحقيقة" بث حلقة وصف فيها أميركا بـ "الشيطان الأكبر"، وذلك في سياق الحديث حول "الحرس الثوري المصري"، معتبرة أن التحريض على العنف ضد السفارات عبر برنامج "الحقيقة" لا يشجع السائحين والمستثمرين.
ومن جانبه، قال الإبراشي في تصريحات إعلامية: أن باترسون غاضبة لأنه كشف سرّ اختيارها للعمل في القاهرة في هذا التوقيت بالذات، مشيراً إلى أن الإدارة الأميركية اختارتها نظراً لقدرتها الفائقة على التعامل مع التيارات الإسلامية، وترويضها بما يخدم مصالح أميركا، حيث إنها لديها خبرة واسعة في هذا المجال بسبب عملها في باكستان لسنوات طوال، ولها دور واضح في الحرب ضد القاعدة وطالبان سواء في أفغانستان أو باكستان.
و وصف بيتر تيشانسكي رئيس مجلس الأعمال للتفاهم آن باترسون السفيرة الأميركية بأنها امرأة قوية، لها آراء واضحة بشأن المسائل المتعلقة بالأمن القومي والسياسة الإقليمية، وتجيد التعامل مع الجميع يمكن وصفها بقاذفة اللهب فيمكنك الاعتماد عليها لتؤدي عددا من الأدوار في مهمة صعبة للغاية بطريقة محترفة جدا. ويبدو أنها كذلك بالفعل، حيث انتهزت فرصة مرور مصر بمرحلة مفصلية من تاريخها، وانشغال المجلس العسكري و وزارة الخارجية في شؤون إقامة النظام الجديد، فزارت مقر حزب الحرية والعدالة نحو ثلاث مرات بنفسها أو مع مسؤولين أميركيين، كان على رأسهم جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس، ثم وليام بيرنز مساعد وزيرة الخارجية، والتقت الدكتور محمد بديع المرشد العام، ثم زارت وزير العدل في ما وصف بأنه تدخل سافر في الشؤون الداخلية المصرية، لاسيما أن الزيارة جاءت في أعقاب التحقيق مع 17 منظمة مصرية وأجنبية في اتهام الحصول على أموال من جهات خارجية من دون ترخيص من الحكومة. لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تدخلت أيضاً في عمل القضاء، وذكر المستشار أشرف العشماوي الذي يحقق في قضية تمويل المنظمات الأجنبية أنها أرسلت خطاباً إلى وزارة العدل تطلب رفع أسماء الأميركيين الممنوعين من السفر، وقال إن هذا الخطاب يعد غير قانوني، لأنها ليست طرفا في القضية.
و وفقا لما أعلنته مصادر قضائية فإن تنحي هيئة المحكمة عن نظر قضية التمويل الاجنبي، قد جاء نتيجة لتدخلات سياسية لإجبار هيئة المحكمة على إصدار قرار بإلغاء حظر مغادرة الأميركيين القاهرة وأشارت المصادر إلى أن ذلك جاء نتيجة للضغوط الأميركية المتزايدة التي لعبت فيها آن باترسون دورا كبيرا ..
وتقدم أحمد سعداوي، رئيس مؤسسة العدالة والمساواة لحقوق الإنسان، ببلاغ إلى النائب العام ضد باترسون اتهمها فيه بالتدخل في شؤون مصر الداخلية. وحمل البلاغ رقم 457 لسنة 2012.
وحسب وجهة نظر الدكتور رفعت سيد أحمد رئيس مركز يافا للدارسات والأبحاث، فإن السفيرة الأميركية في القاهرة لعبت دورا كبيرا في قضية التمويل الأجنبي في مصر كما لعبت دورا مهما في ترويض الإسلاميين والعسكر معا، وأوضح السيد أحمد: أن زيارتها المتكررة للإخوان، تهدف إلى "إخصاء الإخوان سياسياً".
وأضاف: أن أميركا تسعى إلى ترويض التيار الإسلامي في مصر، لضمان أمن إسرائيل وضمان مصالحها في المنطقة، وأضاف: أن من مهام باترسون احتواء الإسلاميين وضمان عدم مساسهم بمعاهدة كامب ديفيد، واستمرار سياسة تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وأشار إلى أن أميركا تسعى أيضاً إلى استمرار اعتماد الإقتصاد المصري على القروض من الخارج، حتى تظل خاضعة لشروط أميركا والغرب، وضمان إعادة إنتاج نظام مبارك، ولكن بقشرة إسلامية أو بلحية إخوانية وسلفية .
وقال السفير حسين عمران "لايلاف" إن إختيار آن باترسون لتكون سفيرة في مصر في هذه المرحلة لم يأت مصادفة، ولكن بناء على عملها السابق في باكستان، وخبرتها في التعامل مع الجماعات الإسلامية المتشددة وقدرتها الفائقة على اختراقها، مشيراً إلى أن من حق أي سفير التعرف إلى الأوضاع الداخلية للبلد التي يمثل دولته فيها وزيارة مواقع كثيرة وقوى سياسية أو أحزاب، ولكن بالطرق المشروعة ومن خلال تصريح من وزارة الخارجية.
وأضاف عمران: أن السفيرة الأميركية في القاهرة قد نجحت في مهمتها في ترويض التيارات الإسلامية والدليل على ذلك تعهد جميع فصائل التيار الاسلامي باحترام معاهدة كامب ديفيد والحفاظ على علاقات متينة مع أميركا برغم الخلافات الشديدة بين البلدين بعد الثورة، بل إنها أيضا استطاعت فتح قنوات اتصال مع السلطات الحاكمة في مصر والدليل على ذلك إلغاء قرار حظر سفر الأميركيين في مصر وهو ما يعد نجاحا لها..
بلادي اليوم / متابعة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق