الثلاثاء، 7 مايو 2013

فساد المساكين !


محاربة الفساد مضخّمة رسمياً أكثر بكثير من حجمها الطبيعي وان ما تتم مكافحته فعلياً لا يتعدى ممارسات بسيطة تحت العنوان الكبير للفساد.
القضايا الكبرى تهوّل إعلامياً ولا تحسم إلا نادراً.. أما ما يحسم قضائياً فيثير السخرية ولا يتناسب مع الهالة البراقة لهيئات النزاهة ومكافحة الفساد ومكاتب التفتيش العام.
تناهى الى سمعي قبل أيام قليلة ان الجهات المختصة تمكنت من ضبط عملية فساد في دائرة صحية بالجرم المشهود واحالت القضية الى المحاكم لتحقيق العدالة والمضي قدماً في محاربة الفساد المستشري كالسرطان في دوائرنا.
النتيجة ان العدالة تحققت بحكم قضائي مدته 8 سنوات بحق مَن تورط.
الخبر (ان صح) جميل ويساعد في انعاش الأمل الضئيل في ان الحكومة جادة وماضية في حربها مع الفساد ليتحقق الاعمار وتنجز مشاريع التنمية.
ولكن بالخوض في تفاصيل القضية نجد العجب العجاب، والقصة حسب الرواة كالآتي: ان رجلاً احضر زوجته وهي في حالة مخاض الى إحدى مستشفيات النسائية والتوليد كعادته في المرات السابقة.
الرجل تلقى البشرى السارة بمولود سليم تام الخلقة على خلاف مَنْ أتى قبله من أشقاء يعانون اعاقات بدنية مختلفة.
الفرحة ذهبت بالرجل بعيداً فاخرج (بعد ان شكر الله والعاملين في المستشفى) مبلغاً قيمته (50 ألف دينار) ليضعه بيد إحدى العاملات.
الأجهزة المختصة رصدت الحالة وعالجت الموقف على الفور واحيلت المسكينة الى القضاء فحكمها بثمانية أعوام كي تكون عبرة لمن يعتبر!.
شخص آخر (سبق ان دخل السجن) روى قصصاً أخرى تحت عنوان الفساد لا تقل غرابة عن القصة السابقة، مثل سجن موظف حكومي لانه سها، فوقّع بالقلم الاخضر الذي يختص به المدير العام فقط، وآخر بتهمة سرقة رحلات مدرسية وغيرها.
لا أقصد هنا السخرية من القضاء أو أجهزة النزاهة ومكافحة الفساد، ولكن ألا توجد قضايا أهم وأخطر تستلزم الصرامة والعجلة نفسها في انهائها.
صحيح ان الفساد هو الفساد كبيره وصغيره ولكن من الظلم ان نقارن مثل هذه الحالات بأخرى كصفقات شراء أجهزة كشف المتفجرات والأسلحة والبطاقة التموينية والاختلاسات الكبيرة من المصارف.
وعلينا ان نتذكّر ونحن نحارب الفساد قول الرسول الأعظم (ص): (( إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ... )).
مقالات للكاتب كريم ابو طوق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق