الاثنين، 13 مايو 2013

ابن الحارس !


قبل بدء الامتحانات النهائية للمرحلة الابتدائية بنحو أسبوعين، قال لي ابن اختي الطالب في إحدى المدارس، ان مدير المدرسة ابلغهم بأن يوم غد (الخميس) سيكون عطلة، وقبل ان يعطيني برهة للتفكير فيما اذا كان هذا اليوم عطلة رسمية أم لا، أضاف ابن اختي: ان ابن حارس المدرسة سيتزوج غداً... لذلك ستغلق المدرسة أبوابها أمام التلاميذ لاتمام حفل زفافه بعيداً عن هرج ومرج التلاميذ، ومن دون أية منغصات.
هذه الحكاية أشبه بالنكتة، والبعض لا يميل الى تصديقها، لكني اؤكد انها صحيحة، وحصلت فعلياً في احدى مدارس العاصمة... فكل شيء أصبح ممكناً في العراق الجديد، وان (الضرورات تبيح المحظورات) ... وزواج ابن حارس المدرسة ضرورة وحدث تأريخي مهم يستحق تعطيل الدوام الرسمي في المدرسة لأكثر من يوم واحد !.
ان الحارس وابنه، الذي تمت عملية زواجه بنجاح ساحق، لا يتحملان مسؤولية هذا الخرق القانوني الكبير، بل يتحمله مدير المدرسة، الذي أعطى لنفسه الحق بتعطيل الدوام في مدرسته، وحرم التلاميذ من تلقي دروسهم اليومية... فلو كان هذا المدير حريصاً ومخلصاً في عمله لما سمح بحصول مثل هذه المهزلة في مدرسته.
كان الأجدر بمدير المدرسة ان يربي التلاميذ الصغار على احترام الوقت والسلوك الصحيح ويغرس فيهم مفاهيم احترام الأنظمة والقوانين وحثهم على الالتزام بها، بدلاً من أن يقوم بخرق تلك القوانين في وضح النهار.
لكن يبدو ان هذا المدير قد قال مع نفسه في حينها ان الفوضى وضعف الرقابة واستقالة وزير التربية وأجواء الحرية والديمقراطية سوف تجنبه المساءلة القانونية وأية عقوبات أخرى جراء تعطيله الدوام في مدرسته ليوم كامل، فالكثير منا لا يفقه من الديمقراطية شيئاً سوى انها تعبير مرادف للفوضى والتصرفات غير المسؤولة.
فأية مدرسة هذه التي تحولت ساحتها الى حفل كبير لزفاف ابن حارسها... وأي مدير هذا الذي أغلق أبواب مدرسته أمام التلاميذ لإتمام الحفل؟!
وقبل ان اختم، اقول ان رئيس وزراء إحدى الدول الأوروبية استقال من منصبه في سبعينيات القرن الماضي لحصول خرق في الامتحانات العامة... نعم خرق امتحاني فقط لا لسبب آخر، والعاقل تكفيه الاشارة.
مقالات للكاتب حسن اللامي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق